كان فيها وخرجوا من الدين ببدعهم ومروقهم وضلالهم. والذين يضيع عملهم في الآخرة هم :
١٠٥ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ) ... أي جحدوا دلائل ربّهم من القرآن وغيره ، وأنكروا البعث والقيامة ولقاء الله للثواب والعقاب (فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) أي بطلت بكفرهم لأنهم أوقعوها على خلاف ما أمر الله سبحانه (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) أي لا نرفع لهم ميزانا توزن به أعمالهم إذ ليس لهم أعمال بعد الحبوط ، أو أن المعنى : لا نجعل لهم مقدارا ولا اعتبارا. وفي الاحتجاج عن مولانا أمير المؤمنين عليه صلوات الله ـ في حديث يذكر فيه أهل الموقف وأحوالهم ، ومنهم أئمة الكفر وقادة الضلالة ـ : فأولئك لا نقيم لهم يوم القيامة وزنا : لا يعبأ بهم لأنهم لم يعبأوا بأمره ونهيه ، فهم في جهنم خالدون ، تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون .. والحاصل أنه سبحانه نبّه عباده في هذه الكريمة بأنّ من لا يعتني بأوامره ونواهيه لا قيمة له عنده ولا كرامة ، ولا يهتمّ به بل يستخفّ به ولا يقيم لعمله وزنا. يقول العرب : ما لفلان عندنا وزن ، أي : منزلة وقدر ، وقد يوصف الجاهل بأنه لا وزن له ، لخفّته وقلة تثبّته. والقرآن الكريم نزل على لسان القوم.
١٠٦ ـ (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ) ... هي تفسير لسابقتها بمعنى أن عدم اعتبار عملهم ذا أهمية لأنه يخالف أوامر الله تعالى ونواهيه ، جعل جزاءهم يوم القيامة جهنّم بسبب عنادهم للحق و (بِما كَفَرُوا) بالدعوة الى الله (وَ) بما (اتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً) ولأنهم جعلوا رسلي في دار الدنيا موضع هزء وسخرية إذ سخروا بهم وبرسالاتهم.
ثم إنه سبحانه وتعالى بعد بيان حال الكفرة ، أخذ ببيان حال المؤمنين فقال عزّ من قائل :
* * *