العير من مصر وكان يعقوب في فلسطين فقال : إني لأجد ريح يوسف (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) أي أوحى الله سبحانه إلى يوسف حين جعلوه في البئر وهو ابن سبع سنين كما روي عن الإمام الصادق عليهالسلام ، ولا عجب في ذلك فقد أوحى إلى يحيى وعيسى عليهماالسلام في الصغر ؛ أجل أوحى إليه (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ) أي لتخبرنّهم وتحدّثنّهم بما فعلوا بك (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) يعني من حيث لا يحسّون ولا يعرفون أنك يوسف أخوهم بسبب طول العهد وعلوّ شأنك. وهذا الكلام منه تعالى فيه إشارة إلى نجاته وبشارة بما قاله في مصر لإخوته : أنا يوسف وهذا أخي قد منّ الله علينا إلخ ...
١٦ ـ (وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ) : أي رجعوا آخر النهار وجاؤوا متباكين أمام أبيهم ليلتبس الأمر عليه ويظنّهم صادقين. ومن هنا يفهم أنه لا يوجب كلّ بكاء صدق دعوى الباكي ، إذ قد يكون البكاء لتمويه الأمر على الغير كما فيما نحن فيه.
١٧ ـ (قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ) ... يعني أنهم قالوا : رحنا نتسابق ونعدو لننظر أيّنا أسرع في العدو وأسبق في الركض. وقيل : المراد المسابقة بالنّصل والرّمي ، قد اعتذروا بأن قالوا لأبيهم ذهبنا نستبق (وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا) أي أبقيناه عند ما حملناه معنا في سفرنا وألهانا التسابق (فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ) أي : عدا عليه وافترسه فقتله وأكله (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) أي لست بمصدّق قولنا لسوء ظنّك بنا وفرط محبّتك ليوسف. فسوء ظنّهم بعاطفة أبيهم جعلهم يزعمون عدم تصديقهم بدليل قولهم له : في آخر الآية : ولو كنّا صادقين .. فيفهم من كلامهم هذا : فكيف بنا ونحن كاذبون؟ فإن الله سبحانه وتعالى إذا أراد إظهار أمر أجرى على لسان القائل كلاما يكشفه من حيث لا ينتبه قائله ، ويظهره في حركاته وسكناته وعمله. فقد جاء هؤلاء أباهم بقولهم هذا ، وبقميص يوسف ملطّخا بدم سخلة وقيل بدم ظبي ، ولكنهم ذهلوا عن أن يمزّقوا القميص ولم يخطر في بالهم أن الذئب إذا افترس إنسانا يمزّق ثيابه وجميع ملابسه ، ذلك أن الله تعالى أراد