أخرى ، لكنّ ثمر الجنّتين كانت مستمرة دائما (وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً) لدوام شربهما ومزيد بهائهما.
٣٤ ـ (وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ) ... أي كان للكافر أثمار من أموال مثمرة نامية غير ثمر الكرم والنخل ، واختصاصهما بالذكر لغالبيّتهما ، والّا التّنكير للتعميم (فَقالَ لِصاحِبِهِ) اي قال الأخ الكافر لأخيه المؤمن (وَهُوَ يُحاوِرُهُ) من الحور وهو الرّجوع ، فالمراد هو الرجوع في الكلام ، أي يجادله ويفتخر ويتعالى عليه : (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) أي أقوى رهطا وخدما وأولادا وأعوانا.
٣٥ ـ (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) ... اي أدخل أخاه المؤمن معه في البستانين يطوف به فيهما ويفاخره بهما وبغيرهما من أمواله ويعيّره على إتلاف أمواله في سبيل ربّه بحيث ما أبقى عنده ما يصلح به أمر دنياه (وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) اي ضرّ لها بعجبه وكفره. وإفراد الجنّة إمّا لأنهما في حكم الواحدة لتواصلهما ، أو لإرادة الجنس ، أو لأنّه أدخله في واحدة منهما فقط دون الأخرى لأنّها كانت مختصّة به لطراوتها وبهجتها ونضارتها وسعتها وسائر الأمور المحسّنة فيها كما هو الظاهر من إضافتها إلى نفسه (قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً) اي ان تفنى هذه الجنة الّتي بنيت بهذه الكيفية ونمت بتلك الحيثية الجميلة الرائعة لكثرة ثمارها وحسن بهجتها وخضرتها فأعجبها فاغترّ بها فقال : (ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً) أي لا أحسب أنها تخرب وتفنى.
٣٦ ـ (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) : أي كائنة ، أو ما أظن أن القيامة آتية خلافا لقوله تعالى : (أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها). وهذه المقالة كانت ثابتة منه تعالى في جميع الشرائع والأديان (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي) بالبعث كما زعمت وتقول أيّها الأخ (لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) أي والله لتكوننّ عاقبة أمري ومرجعي يوم القيامة خيرا من دنياي ومن تلك الجنان والنّعم ، لأنه كان معتقدا بأن استحقاقه الذاتي مقتض لكونه موردا لألطافه تعالى في الدنيا ، فإذا كانت العلّة هي هذه فهي باقية إلى يوم البعث. وحيث إن نعم