بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٩١) وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٩٢) وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٣))
٩١ ـ (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ) ... أي ما يجب الوفاء به أو البيعة للرّسول (بَعْدَ تَوْكِيدِها) أي بعد الحلف والتوثيق باسم الله تعالى إذ جعلتموه (عَلَيْكُمْ كَفِيلاً) أي شهيدا بالوفاء (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) من النّقض أو الوفاء.
٩٢ ـ (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها) ... أي كالمرأة التي أفسدت ما غزلته من بعد أن أحكمته (أَنْكاثاً) هو ما ينكث فتله أي يحلّ نسجه ، جمع : نكث بالكسر. ومعنى الشريفة تشبيه ناقض العهد بمن فعلت ذلك مطلقا وقيل عنت الآية ريطة بنت عمرو القرشيّة وكانت حمقاء خرفاء هذا شأنها ، فصار عملها من الأمثال السّائرة (دَخَلاً) أي خيانة وخديعة. والدّخل أن يكون في الباطل ، وهؤلاء المشركون والفسقة كانوا حين عهدهم يضمرون الخيانة (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ) أي لأن تكون جماعة (هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) أي أكثر من أخرى. يعني لا تنقضوا العهد بسبب أن تكون جماعة ـ وهم كفرة قريش ـ أزيد عددا وأوفر مالا. من جماعة المؤمنين (إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ) أي يختبركم بكونكم أربى لينظر وفاءكم بعهده أم تغترّون بكثرة