بقية قولهم لبعضهم : (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ) تحضرونه وتقبلونه (وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) ترون أنه بشر أو ترون أنه سحر من ساحر؟
٤ ـ (قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ... أي قال محمد (ص) أفوّض أمري إلى ربّي الذي يعلم القول كائنا حصوله في السماء أو في الأرض ، جهرا أو سرّا (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) الذي يسمع أقوالهم ويعلم أحوالهم.
٥ ـ (بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ) ... أي قالوا عن الوحي إنه رؤيا مختلطة ليست بقابلة للتعبير نشأت عن النّوم وأبخرة الطعام وامتلاء المعدة (بَلِ افْتَراهُ) بل هو قول كاذب افتراه من عنده (بَلْ هُوَ شاعِرٌ) وقالوا أيضا إنه شاعر يأتي بهذا الكلام المرصوف (فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ) فليجئ بمعجزة دالّة على صدق نبوّته ودعوته (كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) كما بعثوا بالمعاجز كعصا موسى ، ويده البيضاء ، وشفاء الأبرص والأكمة وإحياء الموتى وغير ذلك ، لنصدّقه.
٦ ـ (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ)؟ : أي أن كلّ قرية دمّرناها وأهلكنا أهلها ، أتتها آيات منّا فلم تؤمن بها ولذلك أنزلنا عليها عذابنا. أفهم يؤمنون إذا جاءتهم آية؟ لا. فإن الاستفهام للإنكار ، فمن كان قبلهم من الأمم وأهل القرى لم يؤمنوا بآيات ربّهم فأهلكناهم مع أنهم كانوا ألين عريكة وأقلّ جحودا ، فكيف بهؤلاء من كفّار قومك المعاندين الذين هم أكثر عتوّا وطغيانا ممّن كان قبلهم.
* * *
(وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧) وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ (٨) ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ