لكنّة يستفاد من الاخبار والإجماع أنها ليست منحصرة به. نعم اختلفوا في أنها واجبة عليه أم لا؟ ففي التهذيب عن الصّادق عليهالسلام قال : فريضة على رسول الله. وعنه عليهالسلام : عليكم بصلاة الليل فإنها سنّة نبيّكم ودأب الصّالحين قبلكم ، ومطردة الدّاء من أجسادكم. و (الهجود) من الأضداد يطلق على النوم والسّهر ، والمعنيّ : يا محمد ترك النوم في بعض الليل للصّلاة المشتملة على القرآن. هذا على أن المراد بالقرآن هو مرجع الضمير إلى الكتاب المنزل. ويحتمل أن يكون المراد به الصّلاة حيث قلنا إنه يطلق القرآن على الصّلاة من باب تسمية الشيء باسم جزئه فمعناه : الأمر بالتهجد أي بالسّهر والاشتغال بالقرآن بصلاة الليل يعني : اسهر بصلاة الليل التي وجبت عليك خاصة ، فهي (نافِلَةً لَكَ) أي فريضة زائدة على الفرائض بناء على وجوبها عليه صلىاللهعليهوآله أو فضيلة لك تخصّك زائدة على فضائلك ، وأمّتك بناء على عدم الوجوب وهذا يعني عدم وجوبها على الآمّة (أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) أي يقيمك مقاما محمودا ، اي يوصلك درجة يمدحك بها جميع الخلائق منه ، والمراد بالمقام المحمود لعلّه هو الشفاعة أو إعطاؤه لواء الحمد الذي يحمده فيه جميع الأنبياء ويغبطه به الأوّلون والآخرون ، فعسى أن يوصلك ربّك إلى درجة يمدحك بها سائر الخلق في يوم الدّين.
٨٠ ـ (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ) ... أي فيما حمّلتني من الرسالة ، أو في مكة ، أو عند البعث ، أو في جميع ما أرسلتني به و (مُدْخَلَ صِدْقٍ) يعني إدخالا مرضيّا (وَأَخْرِجْنِي) من أعباء الرّسالة بأدائهما ، أو من مكة ، أو عند البعث (مُخْرَجَ صِدْقٍ) إخراجا لا أرى فيه مكروها (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) أي قوة وعزّا تنصرني بهما على أعدائك وأقهر بها العصاة ، أو حجة أتقوّى بها على أعدائي من الجحدة والعندة والجهلة ، فاستجاب الله دعاءه ونصره بالرّعب من مسيرة شهر. وفي المحاسن عنه عليهالسلام : إذا دخلت مدخلا تخافه فاقرأ هذه الآية : ربّ أدخلني إلخ ... وإذا عاينت الّذي تخافه فاقرأ آية الكرسي.