ويترأّف بهم (فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي) فكونوا من أتباع طريقتي واسمعوا قولي واعبدوا الله واتركوا عبادة العجل ، واثبتوا على الدين الذي جاءكم من عند ربّكم فلا تخالفوا قولي.
٩١ ـ (قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ) ... أجابوا : أننا لن ندعه وسنبقى ملتفّين من حوله ثابتين على عبادته (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) أي حتى يعود ، وقد كان لا يزال في ميقات ربّه الذي أوحى إليه بهذه الفتنة التي كان أعجب ما فيها الخوار فقد قال موسى عليهالسلام : يا ربّ ، العجل من السامريّ فالخوار ممّن؟ فقال : منّي يا موسى ـ أي بقدرتي ـ لما رأيتهم قد ولّوا عنّي إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة. وقد ذكرنا أن الخوار من الريح وأن السامريّ وقومه قد تحدّروا من قوم يعبدون البقر ، وقد أشربوا في قلوبهم حبّ البقر وتقديسه ، وقد اغتنموا فرصة غياب موسى وغرّوا بني إسرائيل بما صنعوه من الفتنة العجيبة التي نتجت عن إلقاء الحليّ في حفيرة فيها نار ملتهبة تجسّم منها عجل له خوار قد أهلّوا واستهلّوا فرحا له حين سمعوه ينبعث من صورة العجل وشكروا السامريّ على أنه أراهم إلههم مجسما أمامهم. وقد ذكر القمي أن أتباع السامريّ قد همّوا بهارون وحاولوا قتله حين قال لهم : يا قوم إنما فتنتم به وإنّ ربّكم الرحمان. فهرب منهم مع جماعة من بني إسرائيل ثبتوا معه على الإيمان بموسى وبما جاء به عن ربّه وكانوا اثني عشر ألفا كما قيل ذهبوا مع هارون وانحرفوا عن السامريين الذين انفردوا في ناحية أخرى يرقصون ساعة ويشهقون أخرى ، ويخضعون للعجل مرة ويبكون من حوله مرة كما هو ديدن العرفاء من الدراويش العصريين وأصحاب الطّرق الصوفية الضالّة.
ولما رجع موسى ـ وكان معه سبعون نفرا من الذين لحقوا به في الموعد ـ سمع هذه الضوضاء الغريبة وهذه الطقوس غير المعتادة فقال عليهالسلام : هذه أصوات الفتنة التي ابتلوا بها. وحين رأى القوم والعجل من