وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ (١١) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ (١٢) لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (١٣) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (١٤) فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (١٥))
١٠ ـ (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ) ... الخطاب لقريش ، والكتاب هو القرآن الكريم الذي فيه ذكر عتاة قريش وجبابرتها ، فإن أكثره كان موجّها إليهم إذ كانوا المقصودين بأكثر التهديد والوعيد إلى جانب الوعد بالحسنى لمن آمن ، وإن كان ذلك يتناول الآخرين نوعا من باب إياك أعني واسمعي يا جارة. وقيل معناها أن في الكتاب ما يوجب حسن الذّكر لكم إن أنتم تمسّكتم به (أَفَلا تَعْقِلُونَ) أفلا تملكون عقولا تفكّر لتؤمنوا به؟.
١١ ـ (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً) ... أي : كثيرا ما أهلكنا القرية التي كان أهلها يظلمون أنفسهم بالكفر. وقيل إن المقصود هنا قرية حضورا التي كانت في نواحي اليمن ، وقد أرسل الله إلى أهلها نبيّا اسمه حنظلة ليرشدهم إلى الهدى ويعلّمهم الدين ، فلم يقبلوا قوله ولم يسمعوا كلامه ، وأخيرا قتلوه عدوانا بعد أن زجروه زجرا شديدا أثناء مكالمتهم ، فغضب الله عليهم فبعث إليهم بختنصر ملك بابل ، فسلّطه عليهم فقتل رجالهم ومثّل بهم ، وسبى نساءهم وأطفالهم ، وأغار على دورهم فسلب نفائسها ، وسمع يوم وصوله مع جيشه نداء مناد من السماء يقول : يا لثارات الأنبياء ، هلمّوا وانتقموا من أعداء دين الله وقتلتهم ، فهجموا عليهم وقتلوهم وفعلوا الأفاعيل. وقد أخبر سبحانه نبيّنا صلىاللهعليهوآله بقصتهم كي يعتبر قومه بذلك ويخافوا ربّهم. فقد قال