(فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠))
٤٩ ـ (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ... أي حين تنحىّ عنهم وعن أصنامهم ، وفارقهم من أرض بابل إلى الأرض المقدّسة ـ أي بلاد الشام ـ وأتى حرّان أولا وتزوّج فيها بسارة (وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) رزقناه الولدين هذين (وَكُلًّا) منهما (جَعَلْنا نَبِيًّا) رسولا من الله لقومه في زمانه. وإسحاق هو ابن إبراهيم عليهماالسلام من سارة ، ويعقوب هو ابن إسحاق ، وقد أعطاهما الله تعالى لإبراهيم عوضا عمّن فارقهم من عشيرته الكفرة ومن آلهتهم ونعم البدل والعوض لأنه عليهالسلام كان يأنس بهما وبأولادهما البررة الصالحين. وأمّا تخصيص إسحاق ويعقوب بالذكر فإمّا لكونهما أصل شجرة الأنبياء الذين كانوا من نسلهم ، وإمّا مقدمة لذكر إسماعيل على انفراد لفضله ومزيد الاهتمام بذكره عليه وعلى آبائه وأبنائه السلام لمزيد شرافته حيث إن النبيّ محمدا صلىاللهعليهوآله ، خاتم الأنبياء ، من نسلهعليهالسلام.
٥٠ ـ (وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا) ... أي أعطيناهم ثلاثتهم سوى الأولاد البررة ، نعم الدّين والدّنيا (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) أي جعلنا لهم ثناء جميلا حسنا ، وقد عبّر عنه باللسان لأن كل ما يوجد من الصفات يعبّر عنه باللسان كما يعبّر باليد عمّا يصدر عنها. و (عَلِيًّا) يعني : رفيعا ساميا لأنهم مصدّقون في جميع الأديان وعند سائر أهل الملل ، فهم يحمدونهم ويثنون عليهم ويفتخرون بأنهم على دينهم .. وهذا كلّه إجابة لدعوة إبراهيم عليهالسلام حيث قال : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) فجعله قدوة لسائر العالمين كما قال تعالى : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ).