التراب أنشأناكم ، حيث إن التراب كان في أصل خلقة أبيكم آدم عليهالسلام ، فهو أول موادّ أبدانكم ، وفي ذلك التراب نعيدكم عند الموت فتدفنون في الأرض وتنحلّ أجسادكم إلى تراب ومن ذلك التراب نخرجكم تارة أخرى ، فنحشركم ونبعثكم للحساب بتأليف أجزائكم الترابية وردّ الأرواح إليها لتعودوا أحياء كما كنتم. وعن الإمام الصادق عليهالسلام : أن النطفة إذا وقعت في الرّحم ، بعث الله عزوجل ملكا فأخذ من التربة التي يدفن فيها فماشها في النطفة ، فلا يزال قلبه يحنّ إليها حتى يدفن فيها.
* * *
(وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى (٥٦) قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً (٥٨) قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩))
٥٦ ـ (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى :) أي عرّفنا فرعون معاجزنا التّسع التي بعثنا بها موسى لتكون دالّة على نبوّته وصدق رسالته ، فكذّب بها عنادا واستكبارا وأبى : امتنع عن قبولها وأنكرها ، ثم :
٥٧ ـ (قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى؟ :) أي قال فرعون : إنك لساحر ، وهل جئتنا بهذا السحر لتكيد لنا وتجعلنا نهرب أمام سحرك ونترك أرضنا لك؟ .. لا ،
٥٨ ـ (فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ) ... قد نفى ذلك ، ثم أكّد بأنه سيجيئه بسحر مثل سحره يقف في وجهه ويكشف أمره ، ثم قال بعدها : (فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً) فاضرب موعدا معيّنا يكون بيننا وبينك ، بحيث نأتي