قالا : إذا لم تؤونا فإننا جوعانون فجيئونا بطعام وشراب. لم يجبهما أحد من أهل القرية (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) فبقيا دون أكل خارج سور القرية إلى أن أصبح الصباح (فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ) أي رأيا في ضاحية القرية حائطا يكاد ينهدم وهو مشرف على الانهيار (فَأَقامَهُ) بناه الخضر وساعده موسى ويوشع عليهمالسلام ولكنه (قالَ) له : (لَوْ شِئْتَ) أردت وطلبت (لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) أجرة نشتري بها طعاما نقتات به.
٧٨ ـ (قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) ... أي أن قولك : لو شئت لاتّخذت عليه أجرا ، صار سببا لمفارقتك أخذا بقولك السابق إذ قلت : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني ، وقد ذكر الفراق ثم كرّر ذكر البين ليؤكد عدم مصاحبته بعدها (سَأُنَبِّئُكَ) سأخبرك (بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) أي بحكمة الأشياء التي لم تقدر على السكوت عليها حتى تعرف وجه الحكمة فيها. والتأويل هو إرجاع الكلام وصرفه عن معناه الظاهر إلى معنى أخفى منه ، وهو مأخوذ من آل إذا رجع. ويقال : تأوّل فلان الآية ، أي : نظر إلى ما يؤول إليه معناها.
* * *
(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (٧٩) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً (٨٠) فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (٨١) وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما