وانتفخت ، فأنزل الله تعالى : (طه ، ما أَنْزَلْنا ..) الآية. وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : لقد قام رسول الله صلىاللهعليهوآله عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورّمت قدماه واصفرّ وجهه ، يقوم الليل أجمع حتى عوتب في ذلك فقال الله عزوجل : (طه ، ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ) إلخ ...
٣ ـ (إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) : أي لكننا أنزلنا القرآن عليك للوعظ لمن يتّعظ ، ولتنذر به من كان في قلبه رقّة ورحمة يتأثر بالإنذار والتوعيد. وقد نصب لفظ : تذكرة ، على الاستثناء المنقطع لعدم السنخيّة بين المستثنى منه والمستثنى. ولفظة إلا ، بمعنى : لكن ، كما قلنا ولكون الاستثناء منقطعا.
٤ ـ (تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى) : أي : أنزلناه عليك لهذه الغاية تنزيلا من عندنا. فلفظة تنزيلا منصوبة على المفعول المطلق ، والقرآن نزل عليك من خالق السماوات الرفيعة وخالق الأرض ومنشئ الكائنات. ولفظة : العلى : جمع العليا ، مثل الدّنيا والدّنى ، والقصوى والقصى.
٥ ـ (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) : أي : هو الرّحمان ، خالق ذلك ، وهو الذي استولى على العرش وعلى جميع الممكنات من الذرّة وما دونها ، والدّرة وما فوقها. وكان الإمام الصادق عليهالسلام يقول في تفسير هذه الكريمة : على الملك احتوى. ويقال احتوى على الشيء إذا جمعه وأحرزه واشتمل عليه. ويطلق العرش على الملك وإن كان يفهم منه كرسي السلطة.
٦ ـ (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) ... له كل ذلك (وَما تَحْتَ الثَّرى) الثّرى : هو التراب النديّ ، وهو عادة ما جاور البحر من الأرض. فالله سبحانه وتعالى ملك السّماوات والأرضين ، وما فيهن وما بينهن وما تحت أطباق الثرى من معادن وكنوز وما أشبه ذلك. وعن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه تلا هذه الآية فقال : فكلّ شيء على الثّرى ، والثرى على القدرة ، والقدرة تحمل كلّ شيء.