ومعاجزنا الكبرى التي يعجز الخلق عن الإتيان بما يشبهها ، فإننا قد اخترناك لأمرنا وأطلعناك على بعض آياتنا التي تعينك في الدعوة إلينا.
* * *
(اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٢٤) قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨) وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً (٣٥))
٢٤ ـ (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) : لمّا أعطاه الله تعالى منصب النبوّة وخلافته في أرضه ، وزوّده بآياته وبيّناته ، أمره بأن يذهب إلى فرعون ملك مصر المترتّب على الناس ، ليدعوه إلى العبودية له تعالى وترك ما هو عليه من العناد والكفر والطغيان ، فاستعظم الأمر الذي لا يستطيع إلّا أن يقبله من جهة ، ولا يمكن الاعتذار منه من جهة ثانية.
٢٥ و ٢٦ و ٢٧ و ٢٨ ـ (قالَ : رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) ... أي امنن عليّ بسعة الصدر لأصبر على عناد فرعون ومقاومة كفره. وشرح الصدر بالمعنى الظاهري هو توسيعه وفتحه كتوسيع المكان وتوسعة الزمان كما لا يخفى ، ولكن لا بد من أن نحمله على أمر معنويّ يشمل الاستعداد والقدرة على حمل أعباء الخلافة والرسالة إلى جانب القوة على الصبر والأذى وآلام السفارة ، كما أن لشرح الصدر آثارا ولوازم أخرى كحسن الخلق وإيثار الناس على النفس والأهل ، وكإصلاح ذات البين وقضاء الحوائج وإرشاد الجهلة ، وكالشجاعة والسخاوة وكمال العقل وحسن السياسة وتدبير النظام