خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (١٦) أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ (١٧) لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٨))
١٦ ـ (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ... قد أظهر قدرته الكاملة سبحانه بقوله : يا محمد اسألهم : من ربّ السماوات والأرض وخالقهما ومتولّي أمرهما؟. فإن لم يجيبوا فأجب عنهم : هو (اللهُ) إذ لا جواب غيره ولأن هذا الجواب بيّن لا مرية فيه شاؤوا أم أبوا. ثم ألزمهم الحجة (قُلْ : أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ؟) الهمزة للإنكار ، أي : فكيف اتّخذتم غيره يتولّى شؤونكم مع أن الأصنام التي اتخذتموها لا تملك نفعا ولا ضرّا .. وبعد إلزام الحجة ضرب سبحانه مثلا فقال : سلهم يا محمد : (هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) أي الكافر والمؤمن (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) أي الكفر والإيمان؟. والحاصل أنه لا يستوي من يعيش في ظلمة الكفر والشّرك ولا يبصر شيئا ، مع من هو في نور الإيمان وحقيقة اليقين والمعرفة مع الحجج والبراهين الساطعة ، يبصر ويرى ولا يخفى عليه شيء في طريقه لأنه ينظر بنور الله!. فهما ليسا متساويين كما أن الظّلمة والنور لا تتساويان ، والكفر والإيمان لا يتساويان لأنهما المميّزان بين الكافر والمؤمن وهما أولى بعدم التساوي (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) الهمزة فيها للإنكار. وحاصل الآية الكريمة أنهم ما اتّخذوا لله شركاء مثله تعالى في القدرة والخلق حتى يشتبه الأمر على النّاس ، ولا كان من شبه بين الله وما أشركوه معه ، ولا بين