كل واحد من الجوارح ، ويمكن أن يكون راجعا إلى صاحبها ، فإنه المسؤول عن تلك الأعضاء فيما أبلاها أفي الأمور السائغة أم غيرها. وعن الصادق عليهالسلام أنه قال له رجل : إن لي جيرانا ولهم جوار يتغنّين ويضربن بالعود فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا منّي لهنّ. فقال الصادق عليهالسلام : لا تفعل. فقال والله ما هو شيء آتيه برجلي ، إنما هو سماع أسمعه بأذني. فقال له الصّادق عليهالسلام : أما سمعت الله يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ) إلخ؟ فقال الرجل : كأنّي لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله من عربيّ ولا عجميّ. لا جرم أنّي تركتها وأنا أستغفر الله. وعن السجاد : ليس أن تتكلّم بما شئته لأن الله يقول : وقرأ الآية الشريفة.
٣٧ ـ (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) ... أي بطرا وفرحا (إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ) أي لن تشقّها بكبرك حتى تبلغ آخرها (وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً) بتطاولك وطول قدّك بحيث تبلغ قلل الجبال الطّوال ، فليس لك أن تختال وتتكبر فإنه محض حماقة. وقد علّم الله سبحانه عباده التواضع والوقار في كل حالاتهم.
٣٨ ـ (كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ) ... أي كل الخصال المذكورة من قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) ، إلى هنا ، فعدّوها إلى خمس وعشرين (مَكْرُوهاً) أي مبغوضا محرّما.
٣٩ ـ (ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ) ... أي هذه الوصايا الكريمة هي ممّا أنزله إليك ربّك وحيا (مِنَ الْحِكْمَةِ) والصواب والرشد ، فاتّبعها (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) كرّر سبحانه هذه الوصيّة وشدّد على هذا الحكم للإشارة إلى أنّ أسّ الأحكام وأصلها هو التوحيد ، ولذا جعل بدء كلامه وختامه سبحانه التوحيد والنهي عن الشّرك إيذانا بأنه رأس الحكمة وملاكها ، وإن أنت فعلت ذلك تجازى (فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً) تلوم