مُبِيناً (٥٣) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (٥٤) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (٥٥))
٥٣ ـ (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ... أي المؤمنين منهم وهذه الآية يمكن أن تؤيّد ما قلناه في الآية السابقة من أن الخطاب فيها للمؤمنين فمن ثم غيّر السّياق كما لا يخفى وتفسير العباد بالمؤمنين منهم لأن لفظ العباد مختصّ بهم في أكثر الآيات والموارد ، كقوله : فبشّر عباد الّذين يستمعون القول ، وكقوله تعالى : (فَادْخُلِي فِي عِبادِي) وقوله : (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ). والإضافة تشريفية ولا تكون إلّا للمؤمنين. وهذه إمارة أخرى على ما قلناه. و (يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي يقولوا للمشركين الكلمة التي هي أحسن وألين في مقام الإرشاد وإلقاء الحجة عليهم وهو أن لا يكون قولهم لهم قرين شتم وسبّ لأن الحجة لو اختلطت بهما لقابلوكم بمثله ، كما قال : ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون الله أي المشركين فيسبّوا الله عدوا بغير علم ، فتفشل حجتكم وتصير عقيما وتنتج عكس ما أردتم منهم فيزداد الغضب وتتكامل النفرة. ويدل على ما قلنا من أن الحجة إذا اختلطت بالبذاءة تنتج عكس المقصود قوله تعالى في ذيل الآية (إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) أي يفسد بينهم بسبب الغلظة فتشتد النفرة (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ) إلخ عداوته كانت قديمة مع الإنسان. فالمخاشنة تزيد في المعاندة والمضادة.
٥٤ ـ (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) ... أي هو سبحانه أعرف بكم وأدرى بمصالحكم (إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) بفضله (أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) بعدله. فيكون