الشمس حين طلوعها لترى أنها (تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ) أي تميل عنه (ذاتَ الْيَمِينِ) إلى جهة يمين الكهف (وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ) أي حين غروبها تعدل وتجاوزهم لجهة الشمال من الكهف ، فلا تدخل كهفهم ولا تصيبهم ، تمرّ بالكهف منحرفة عنهم لئلّا تؤذيهم ، وذلك لأن باب الكهف واقعة مقابلة للقطب الشمالي ومواجهة لبنات نعش ، فتطلع مائلة عن الكهف عند مقابلته بجانبه الأيمن ، وتعزب محاذية لجانبه الأيسر ، فيقع شعاعها على جنبيهم لا على أجسادهم مع تمام المحاذاة حتى لا تفسد أجسادهم وتبلى ثيابهم ، بل بمقدار تعدّل هواء الكهف وتصفيه من العفونات المتولّدة عن الأبخرة الأرضية والأنفسية والجوّية في بعض الفصول والأوقات بمقتضى الطبع والطبيعة وقيل إن الكهف واقع في الجهة الجنوبية من جبال بناقلوس أي الروم (وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) أي في فضاء متّسع من الكهف بحيث ينالهم برد النسيم وروح الهواء فلا يؤذيهم كرب الغار ولا حرّ الشمس في طلوعها وغروبها (ذلِكَ) أي المذكور (مِنْ آياتِ اللهِ) من دلائل قدرته وعظمته (مَنْ يَهْدِ اللهُ) بالتوفيق والإعانة (فَهُوَ الْمُهْتَدِ) كأصحاب الكهف (وَمَنْ يُضْلِلْ) كدقيانوس وأصحابه (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) أي من يلي أمره ويرشده إلى الصواب والحق.
١٨ ـ (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً) ... أي لو رأيتهم لحسبتهم منتبهين وهم رقود : نائمون في الحقيقة. وقيل لأنهم مفتحة عيونهم يتنفّسون كأنهم يريدون أن يتكلّموا ولا يتكلّمون. وقيل إنهم ينقلبون كما ينقلب اليقظان. وعن الباقر عليهالسلام : ترى أعينهم مفتوحة. وروي أن معاوية غزا الرّوم فمرّ بالكهف فقال لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم. فقال له ابن عباس : ليس لك ذلك ، قد منع الله من هو خير منك. فقال : لو اطّلعت عليهم لولّيت منهم فرارا. فلم يسمع ، فبعث ناسا فلما دخلوا جاءت ريح فأحرقتهم. قال ابن عباس وأكثر المفسرين : إنّهم هربوا من ملكهم ليلا فمرّوا براع معه كلب فتبعهم على دينهم ومعه كلبه فطردوه ، فقال لهم