بدّ أن يعرف رسوله ومن يعرف رسول الله لا يقدّم عدّوه وعدوّ الله عليه ولا يقبل قول فرعون ويطيعه ويعصي خالقه الذي أنطق حمارته حتى نهته عن دعائه على نبيّ الله فلم يفهم ما فهمته حمارته! .. ومع هذه الآية لم ينته عن عقيدته وقصده المشؤوم لأنه كان أجهل من حمارته بالله تعالى وبرسوله.
أما العلم بالاسم الأعظم فهو لا يلازم العرفان الكامل ، فإن الله سبحانه يمكن أن يعطي شخصا اسمه الأعظم بعد رياضة تحمّلها لهذه الجهة ، أو اختبارا أو لمصالح لا ندريها ، وبعد ذلك ينسلخ عنه كما حصل لبلعم بن باعوراء فما كلّ شخص يدري الاسم يكون من أهل المعرفة التي ينادي صاحبها : لو كشف لي الغطاء لما ازددت يقينا بل نقول : إن المعرفة الكاملة لا تجتمع مع المعصية وبعبارة اخرى كلما كان العلم والمعرفة به تعالى أقوى كلما كانت الخشية أشد كما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله : أعلمكم بالله أشدكم خشية ، ومعلوم أن الذي يخشى الله لا يعصيه. وأما الاهتمام بإفهام البشر لهذين الوصفين من بين صفاته تعالى لعلّ وجهه لكونهما ملازمين لذاته المقدسة حيث إنهما من صفات الذات فمعرفتهما ملازمة لمعرفته بل هي هي كما لا يخفى ، وهو تعالى أعلم بكلامه.
٢٤ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) : الخطاب لمشركي قريش والجواب منهم ، قالوا أباطيل الأولين أي هذا المنزل في زعم المسلمين هو عندنا أحاديث الأقدمين الكاذبة الخرافية. ويروى انّها نزلت في المقتسمين وهم ستة عشر رجلا خرجوا إلى أعقاب مكة على طرق القادمين إليها على كل طريق أربعة منهم ليصدّوا النّاس عن النبيّ (ص) وإذا سألهم الناس عمّا أنزل على رسول الله قالوا : أخبار الأقدمين الكاذبة ، وخرافات الرومان.
٢٥ ـ (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً) ... اللّام للعاقبة ، والمعنى كانت عاقبة أمرهم حين فعلوا ذلك أن يحملوا أوزار كفرهم تامّة يوم القيامة مع بعض أوزار الذين يضلّونهم لأنهم شاركوهم في إثم ضلالهم إذ دعوهم إليه فاتّبعوهم (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي جاهلين ولا عذر لهم بجهلهم إذ كان عليهم