والحجر واد كان يسكنها القوم بين المدينة والشام. هذه هي القصة الرابعة. فالأولى قصة إبليس وآدم ، والثانية قصة إبراهيم ولوط ، والثالثة قصة أصحاب الأيكة. وإنما سمّوا أصحاب الحجر لأنهم كانوا سكّانه كما يسمّى الأعراب الذين يسكنون البوادي أصحاب الصّحارى. وإنّما قال تعالى : (الْمُرْسَلِينَ) إمّا لأن في تكذيب صالح عليهالسلام تكذيب المرسلين جميعا ، حيث إنه (ع) كان يدعوهم إلى ما دعا إليه المرسلون من التوحيد والإيمان بالمرسلين. وقيل بعث الله إليهم في مرور الدهور والأزمان رسلا من جملتهم صالح فكانوا يكذبونهم كلّهم.
٨١ ـ (وَآتَيْناهُمْ آياتِنا) ... أي آتينا أصحاب الحجر الحجج والبراهين الدّالة على صدق المرسلين. أو آتينا الرّسل المعجزات والدلائل الدالة على صدق دعواتهم : كالناقة التي كان فيها آيات كثيرة كخروجها من الجبل المكوّن من الصخر ، وكبر خلقتها بحيث لم تخلق ناقة بتلك العظمة في الخلقة ، وكونها حبلى حين خروجها كما أرادوه ، وضع حملها في الوقت ، وكونها ذات لبن كثير بحيث يكفي أهل البلد (ثمود) وشربها لجميع مياههم يوم نوبتها. والحاصل أن كل واحد من هذه الأمور آتية ومعجزة يعجز عنها كل أحد من المخلوقات (فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) أي لم يقبلوها وفعلوا ما نهوا عنه من عقر الناقة وقتل ولدها ولم يعتبروا بها. وكان قوم صالح أقوياء ، نقادين على ما يستفاد من قوله تعالى :
٨٢ ـ (وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) : أي يحفرون في الجبال بنقرها ونحتها مساكن فيها (آمِنِينَ) مطمئنّين من خرابها وسقوطها عليهم ومن العذاب الذي أوعدهم الرّسل والأنبياء المبعوثون لفرط غفلتهم ونسيانهم ذكر ربّهم وخالقهم.
٨٣ ـ (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ) : أي صيحة جبرائيل عليهالسلام خلّت بهم (مُصْبِحِينَ) وقت الصبح حين شروق الشمس.