وتدّعون أنه من عند الله ، ونحن نتهمكم في دعواتكم ونظنّ فيها ظنّا (مريبا) مشكوكا فيه.
١٠ ـ (قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌ) ... أي أجاب الرّسل أقوامهم متعجّبين من إنكارهم لخالقهم ورازقهم مع أنه (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وخالقهما وموجدهما من العدم بقدرته ، وقالوا : هو (يَدْعُوكُمْ) للإيمان به (لِيَغْفِرَ لَكُمْ) يتجاوز عن ذنوبكم ، (وَ) هو (يُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي إلى وقت عيّنه سبحانه وجعله منتهى أعماركم مهما تمسّكتم بالدنيا واغتررتم بها. فقالوا لرسلهم : (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) أي : ما أنتم إلّا أناس منّا (تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا) تمنعونا (عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) تحوّلوننا عنه (فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي بحجة واضحة تبيّن صحة دعواتكم.
١١ ـ (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) ... أي أجابوا أقوامهم بأننا بشر مثلكم حقّا (وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُ) يتفضّل وينعم (عَلى مَنْ يَشاءُ) يريد (مِنْ عِبادِهِ) الذي يرتضيهم ويختارهم عن سائر من سواهم ويختصّهم بالنبوّة ويجعل فيهم خصائص ليست في بني جنسهم (وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ) وليس بيدنا إتيان المعجزة والبرهان ، وما الآيات (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) بمشيئته فهو الذي يختص كل رسول بآية معينة من عنده ويجعلها من جملة براهينه (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) أي أن المؤمنين المصدّقين بالله يكلون أمورهم إلى ربّهم عزّ وعلا دون غيره ، ويفوّضون كل شيء إليه.
١٢ ـ (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ) ... يعني : أي عذر لنا في أن لا نتوكّل عليه سبحانه؟ ومن التوكّل الشكر عند العطاء والصبر عند البلاء والرضى في سائر الأحوال ، وهذا بلسان حال الرّسل الذين يقولون : كيف لا نتوكّل على ربّنا (وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا) دلّنا على طرق الخير الذي وصلنا إليه في إيماننا وحملنا الرسالة (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا) فنتحمّل في سبيله تعالى كلّ أذى يصدر منكم في سبيل أداء دعواتنا ، ونتوكّل على الله في