كفركم وعتوّكم. قال دمياطي كان هؤلاء المبعوثون مهيبين ، أصواتهم كالرعد ، وأعينهم كالبرق ، وكأنّ الله تعالى ما جعل في قلوبهم من الرحمة شيئا (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) أي طافوا وتردّدوا يطلبونكم وسط دوركم وهل بقي منكم أحد فيها ، يقتلون كباركم ويسبون صغاركم ونساءكم ويحرقون توراتكم ويخربون معابدكم. والمراد بالتخلية عدم منعهم زجرا وقسرا (وَعْداً مَفْعُولاً) أي حتما لا ريب فيه. وجاسوا مشتق من الجوس ، وهو طلب الشيء بالاستقصاء.
٦ ـ (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ) ... أي الدولة والغلبة (عَلَيْهِمْ) أي على المهاجمين والمبعوثين لكم (أَكْثَرَ نَفِيراً) أي عددا ، يعني نكثّر جماعتكم بحيث تقدرون على مقاومة مع الخصماء والغلبة عليهم إذ تكونون أكثر عشيرة واستنفارا.
٧ ـ (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) ... أي وبالها لها وجيء باللّام إمّا على وجه التقابل ، أو لما روي عن الرضا عليهالسلام : فلها ربّ يغفر. وفي المدارك عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : ما أحسنت إلى أحد قط وما أسأت إلى أحد قط ، ثم قرأ الآية ، يعني : كلّ من يعمل عملا فهو يرجع إلى نفسه من خير أو شر ، فله الثواب وعليه العقاب (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) أي وعد عقاب المرّة الثانية من إفسادكم والفاصل بين الإفسادين مائتان وعشر سنوات والمعنى أنه إذا جاء وعد عقوبة الإفساد الثاني بعثنا على وجه التخلية جمعا من عبادنا عليكم ليجعلوا على وجوهكم آثار الإساءة ، وحذف الفعل وبعض متعلقاته لدلالة ذكره أوّلا عليه (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي بيت المقدس فيخربوه (وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) أي يهلكوا كلّ شيء استولوا عليه ، وذلك بعد أن قتلوا يحيى عليهالسلام وبقي دمه يغلي ، فسلّط الله عليهم الفرس فقتلوا منهم ألوفا وسبوا ذراريهم وخرّبوا بيت المقدس معبدهم.