وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ (٣٦))
٣٤ ـ (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) ... نزلت هذه الآية الشريفة حين قال الكفّار : نتربّص به ريب المنون. ومعناها أننا لم نخلق قبلك بشرا خالدا يعيش إلى الأبد ولا يموت. ولماذا ينتظرون نزول الموت بك؟ (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) الهمزة للاستنكار ، يعني هل إذا متّ أنت يكونون خالدين من بعدك؟ ومن قال لهم أنهم لا يموتون قبلك وأنهم باقون في الدنيا ما دامت الدنيا باقية؟ ليس الأمر كذلك ، بل :
٣٥ ـ (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) ... أي كل من قدم من باب مدينة العدم إلى ساحة عالم الوجود ، فلا بد له أن يشرب شربته من كأس الفناء ، ولا يلبس لباس البقاء إلّا بعد أن يذوق سكرات الموت وتنزع روحه في دار الدنيا. فكلّ حيّ ميت في أجله (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) أي نختبركم بالمنح والمحن ابتلاء لكم. ولفظة الفتنة هنا منصوبة على المصدر لنبلوكم وإن كانت من غير لفظه ، فالدنيا دار اختبار لكم ، مرة بما نعطيكم ومرة بما نأخذ منكم (وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) تعودون للثواب والنعيم ، أو للجزاء والانتقام والعذاب الأليم. وفي المجمع عن الصادق أن أمير المؤمنين عليهالسلام مرض ، فعاده إخوانه فقالوا : كيف تجدك يا أمير المؤمنين؟ قال : بشرّ. قالوا : ما هذا كلام مثلك. قال : إن الله تعالى يقول : ونبلوكم بالشرّ والخير فتنة. فالخير الصحة والغنى ، والشرّ المرض والفقر.
٣٦ ـ (وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) ... أي حين يشاهدك الكافرون لا يخاطبونك ولا يذكرونك فيما بينهم إلّا بالهزء والسخرية ، ويقولون لأنفسهم ولبعضهم : (أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ؟)