يذكرها بسوء ويعيب عبادتها وتأليهها (وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ) يقولون ذلك في حال أنهم هم كافرون بالرّحمان ، وهم أولى بأن يستهزأ بهم ويسخر منهم لأنهم مؤمنون بالأحجار كافرون بالرّحمان. ويمكن أن يكون قد استعمل هذا الاسم الشريف هنا بالخصوص ، لأنه لما قيل لهم : كيف تكفرون بالرّحمان؟ قالوا : وما الرّحمان استهزاء به جلّ وعلا ، وهو راحم العباد من مؤمنين ومن أهل العناد.
وخلاصة المعنى أن الكفار لمّا جحدوا المعبود المنعم القادر العالم بجميع الممكنات الذي خلق جميع الكائنات ورزقها كلّها ما يقيم أودها ، لما فعلوا ذلك وعبدوا ما لا ينفع ولا يضر ، ولا يعقل ولا يشعر ، فإنهم هم الذين يستحقّون الهزء والسخرية ، لا أهل الحق والحقيقة. وهذه الآية والآيتان اللتان سبقتاها تسلية من الله تعالى لنبيّه صلىاللهعليهوآله عمّا كان يرد على قلبه الشريف من أذى الكفرة ومن أقوالهم البذيئة وأفعالهم الشنيعة. ولا يخفى أن تكرار الضمير : هم ، جاء في آخر الآية الشريفة للتأكيد والاهتمام بإثبات كفرهم حتى يترتّب على هذا كمال استحقاقهم للذم والهزء.
* * *
(خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ (٣٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٨) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٣٩) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٤٠) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤١))