للنّائم. فلما رأوا تغيير أحوالهم من طول أظفارهم وشعورهم صار الأمر ملتبسا عليهم (قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ) فأخذوا في كشف الواقع ورفع الشبهة ولم يجدوا طريقا لذلك إلّا من خارج الغار. وأيضا أحسّوا الجوع فقالوا (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ) الورق جمع مفرده ورقة وهي الفضّة سواء كانت مسكوكة أو غير مسكوكة ، والمراد بها هنا دراهم عليها رسم الملك دقيانوس (إِلَى الْمَدِينَةِ) أي مدينة أفسوس (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها) أي أيّ أهلها (أَزْكى طَعاماً) أي أحلّ وأطيب. وعن ابن عباس : أحلّ ذبحه ، قال لأن أكثرهم كانوا مجوسا وفيهم قوم مؤمنون يخفون إيمانهم (فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ) أي بما تشتهون أكله وترزقون (وَلْيَتَلَطَّفْ) أي : وليدقّق النظر ويتحيّل حتّى لا يطّلع عليه أحد من أهل المدينة فيعرفه. وقيل وليتلطّف في الشراء فلا يماكس البائع ولا ينازعه (وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً) أي لا يخبرنّ بكم ولا بمكانكم أحدا.
٢٠ ـ (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) ... أي لو يطّلعوا عليكم يقتلوكم (بالرجم) وهو أشدّ قتلا وأخبثه. (أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ) يرجعوكم إلى دينهم (وَلَنْ تُفْلِحُوا) لن تنجحوا أبدا.
٢١ ـ (وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ) ... أي كما أنمناهم بعثناهم لتزداد بصيرتهم وأطلعنا عليهم أهل مصرهم (لِيَعْلَمُوا) بعد اطّلاعهم على حالهم وبعد التفكير بعظمة الله سبحانه وبالخلق والموت والبعث ، ليعلموا (أَنَّ وَعْدَ اللهِ) بالبعث والنشور (حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ) لآتية (لا رَيْبَ فِيها) وفي الحديث : كما تنامون تستيقظون ، وكما تموتون تبعثون ، النّوم أخ الموت. وبالجملة من يقدر على توقية النفوس والتحفّظ على الأبدان لنائمين مدة ثلاثمائة وتسع سنين مفترشين بأبدانهم الأرض ، يقدر على توقية نفوس وأرواح البشر إلى أن يحشر الأبدان فيردّ الأرواح إليها .. (إِذْ يَتَنازَعُونَ) الظرف متعلّق بأعثرنا يعني أعثرنا عليهم حين كانوا يتنازعون (بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ) أي أمر دينهم من بعث الأرواح فقط ، أو مع الأجساد ، أو لا