وأمّ الكتاب اللوح المحفوظ الذي لا يغيّر ما فيه من قضاء ولا يبدّل ، والمحو والإثبات إنّما وقعا في الكتب المنزلة بحسب المقدّر في الكتاب الأمّ المحفوظ الذي لا يقع فيه محو ولا إثبات إذ الأمور متدرّجة فيه تنزل تباعا بحسب مصالح الأمم. وفي المجمع عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : هما كتابان سوى أمّ الكتاب ، يمحو الله ما يشاء ويثبت وأمّ الكتاب لا يغيّر منه شيء. وعن جابر بن عبد الله ، عنه صلىاللهعليهوآله : أن الله يمحو من ديوان الحفظة ما لا يتعلّق به جزاء ، ويثبت ما يترتّب عليه ثواب وعقاب ، فإنّ الحفظة البررة يكتبون كلّ ما صدر عن العباد من الأفعال والأقوال والأحوال ، ويعرضون عليه تعالى فيمحو ما يشاء إلّا ستّة أشياء لا يصل إليها قلم المحو : الأول هي السعادة ، والثاني هي الشقاوة ، والثالث هو الموت ، والرابع هو الحياة ، والخامس هو الرزق ، والسادس هو الأجل ، والله تعالى أعلم.
٤٠ ـ (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) ... هذا تهديد للكفّار قاتلهم الله ، وبشارة للنبيّ صلىاللهعليهوآله. فقد أخبره بأنه سيحلّ بهم وعده من القتل والإذلال إن لم يؤمنوا ، وقد نريك ذلك بعينك وأنت على قيد الحياة (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) أو نقبضك إلينا ونوقع بهم ما وعدناهم ، فلا بدّ أن يحلّ بهم ما وعدناهم به سواء كنت بينهم أن توفيت عنهم فنصر المؤمنين عليهم حاصل ، ونقمتنا منهم كائنة لا محالة ، وقد ترى هذه النقمة تنزل بهم وقد لا تراها ولكنها أمر واقع حين تقتضي المصلحة ذلك ، و (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) وظيفتك تبليغ الأحكام وجميع ما جاء في الرسالة لا أكثر ولا أقلّ (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) أي السؤال والمحاسبة والمجازاة والانتقام إن عاجلا أم آجلا ، فالأمر بيدنا والخيار لنا.
* * *
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ