والتشديد ، قال عليهالسلام على طريقة التوديع وبطريقة مقابلة السيئة بالحسنة :
٤٧ ـ (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) ... أي لن يصيبك منّي مكروه ولا آفة ولا ضرر. ثم استماله واستعطفه ووعده بالدّعاء له بالمغفرة ، لعلّ الله سبحانه يوفّقه للإيمان وللتوبة والرجوع عن الكفر وقال له (إِنَّهُ) أي الله عزوجل (كانَ بِي حَفِيًّا) أي مبالغا في البرّ بي والعطف واللطف ، مجدّا في إكرامي وربّي حاضر ناظر عاقل يسمع دعائي ويجيب سؤلي ويعلم ما في ضميري في جميع أحوالي ، وهو بارّ بي رحيم كريم سخيّ عليّ ، وليس مثل معبوداتكم من الأحجار والجماد ، فهي لا تسمع ولا ترى ولا تشعر ولا تنفع ولا تضرّ ، وأنتم أشرف وأعلى ممّا تعبدونه فكيف يعبد الأشرف الأخسّ والأدني ويخضع له؟ .. أفلا تعقلون؟
٤٨ ـ (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ... وانّي منصرف عنكم وعمّا أنتم فيه من عبادة غير الله تبارك وتعالى وممّا ألّهتم من الأحجار والأصنام ، وسأبتعد عنكم وأعبد الله (وَأَدْعُوا رَبِّي) فأعبده وأطلب منه وحده حاجاتي و (عَسى) هنا بمعنى التأميل ، أي آمل (أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) سوف لا أكون خائبا بدعائه ولا مجتهدا ضائع الاجتهاد ، ولا ساعيا ضالّ السعي كما أنتم في عبادتكم للأصنام التي لا تدرك أعمالكم ، ولا هي تقبلها ولا ترفضها لأنها لا تملك شيئا ، فأنتم أشقياء تتحمّلون المشقة دون جدوى ، وأنا على العكس أرجو من ربّي إجابة دعائي. وفي تصدير الكلام بكلمة : عسى ، تواضع وتنبيه على أن العبد لا بد أن يبقى في إجابة دعائه والإثابة على أعماله بين الخوف والرجاء من حيث القبول والردّ ، لأن الإثابة تفضّل غير واجب.
* * *