حرصا عليها ، أو لا تعجل في تبليغ ما كان مجملا قبل أن يأتيك بيانه ، أو لا تسأل إنزال القرآن في شيء قبل أن يأتيك وحيه ، لأنه تعالى إنما ينزله حسب المصلحة وفي وقت الحاجة (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) أي قل ذلك يدل الاستعجال ، فإن ما يوحى إليك تناله لا محالة ، فاطلب زيادة العلم فيما يوحى إليك. وقيل إن المراد بالعلم المأمور به هنا هو القرآن من باب ذكر المسبب وإرادة السبب ، فإنه كلّما نزل عليه شيء منه زاد علمه صلوات الله عليه وآله ، لأن فيه علم الأوّلين والآخرين ، وعلم ما كان وما يكون منذ بدء الخليقة إلى أبد الآبدين.
* * *
(وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (١١٥))
١١٥ ـ (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ) ... أي أمرنا آدم بعهد منّا أن لا يأكل من الشجرة التي نهيناه عن الأكل منها (مِنْ قَبْلُ) من قبل زمانك يا محمد.
وقد ذكر في وجه تعلّق هذه الآية بما قبلها وجوه ، أحسنها أنه تعالى لمّا قال في الآية ٩٩ : وكذلك نقصّ عليك من أنباء ما قد سبق ، نذكر قصة آدم إنجازا للوعد الذي ذكرناه لك ، فإن آدم قد أمرناه بعدم الأكل من الشجرة (فَنَسِيَ) ما أمر به من الكفّ عنه وفعل ما كان خلاف الأولى (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) أي ثباتا وتصلّبا في الالتزام بما أمر به ، أو لم نجد له عزما على الذّنب ونيّة مقصودة ، لأنه لم يتعمّد المخالفة حيث إنه نسي الأمر ، وعن الباقر عليهالسلام أن الله تعالى عهد إلى آدم أن لا يقرب هذه الشجرة ، فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله أن يأكل منها ، فنسي فأكل منها. وهو قول الله تعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ ، فَنَسِيَ ...).