فمن أجل ذلك يترتب التخويف من الساعة ، لأن الناس إذا علموا قربها وصدق حلولها كانوا على خوف منها وتهيّأ ولإصلاح أمورهم وللإتيان بالأعمال الصالحة وبالتوبة والإنابة خوفا منها على أنفسهم ، لأن أهوال القيامة مخوفة مهولة ، ويؤيد هذا المعنى قوله سبحانه (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) أي لتثاب أو تعاقب بحسب سعيها : عملها ، وهذا بناء على التعلّق بأخفيها لا بآتية.
١٦ ـ (فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها) ... أي لا يمنعنّك عن الإيمان بما ذكرنا لك من التوحيد ، والعبودية ، وإقامة الصلاة ، والتصديق بالساعة (مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها) الذي يكفر بهذه الأشياء ولا يصدّق بها (وَاتَّبَعَ هَواهُ) سار مع هوى نفسه في طريق الضلال (فَتَرْدى) فتهلك إذا صدّك هذا الضالّ عنها.
* * *
(وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧) قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (١٨) قالَ أَلْقِها يا مُوسى (١٩) فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى (٢٠) قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى (٢١) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى (٢٣))
١٧ ـ (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى؟) ... ليعلم أن هذا السؤال الكريم وهذا الاستفهام العظيم صدرا عن العظيم الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض