بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (١٧))
١٦ ـ (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً) ... أي إذا أردنا تدمير قرية بسبب معاصي أهلها وكفرهم وتماديهم في الباطل (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) أغنياءها المتنعّمين فيها. وعن الباقر عليهالسلام : أمرنا أكابرها. وقرئ : أمّرنا بالتشديد وفسّر بالتكبير والتسليط. وقد خصّص المترفين لأن غيرهم تابع لهم ، ولأنهم أقدر على الفجور وأسرع إلى الحماقات والمعاصي ، أي أمرناهم بالطاعات فعصوا (فَفَسَقُوا فِيها) فجروا وارتكبوا المعاصي والذنوب (فَحَقَّ عَلَيْهَا) أي استحقّته ونزلت بها كلمة العذاب (فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً) أهلكناها وعذّبنا أهلها وخرّبناها. ولا يخفى أن عبارة (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) تعني أنه سبحانه وتعالى أمرهم بالحق فاتّبعوا الباطل بدليل عبارة : (فَفَسَقُوا فِيها).
١٧ ـ (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ) ... أي كثيرا ما دمّرنا من الأمم بعد تدمير قوم نوح بالطوفان ، كما جرى لعاد وثمود وأصحاب الأيكة وقوم صالح (وَكَفى بِرَبِّكَ) الباء زائدة ، أي : كفى ربّك سبحانه أن يكون (خَبِيراً) عالما بذنوب عباده (بَصِيراً) بما هم عليه من طاعة أو عصيان.
* * *
(مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً (١٨) وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (١٩) كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (٢٠) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ