بأوامره وتكاليفه الشاقّة ، وعلى المصائب العسرة التي يلاقونها في دار الدّنيا ، وعن معاصي الله وكافّة نواهيه ، طلبا لرضاه (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) أي يدفعون بالطاعة المعصية ، وبالعمل الصالح العمل القبيح ، كما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لمعاذ بن جبل : إذا عملت سيئة فاعمل حسنة بجنبها تمحها ، وكما عن الصادق عليهالسلام إذ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : ما من دار فرحة إلّا تبعتها ترحة ، وما من همّ إلّا وله فرج إلّا همّ أهل النار. إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة تمحها سريعا. وعليك بصنائع الخير إنها تدفع مصارع السوء. وإنما قال له ذلك على حدّ تأديب الناس لا لأن لأمير المؤمنين عليهالسلام سيئات عملها. و (عُقْبَى الدَّارِ) عاقبتها الحسنة.
فالمؤمنون بعهودهم ، والواصلون ما أمر الله بوصله ، الصابرون ابتغاء وجه الله جميعهم لهم :
٢٣ ـ (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) ... وهذه الآية إلى آخر الآية التالية وقوله : بما صبرتم ، بيان لعقبى الدار. وقد روي أنها نزلت في الائمة عليهمالسلام وشيعتهم الّذين صبروا ، وعن الصادق عليهالسلام : نحن صبّر ، وشيعتنا أصبر منّا ، لأنّا صبرنا بعلم ، وشيعتنا صبروا على ما لا يعلمون. ويوم القيامة يقال لهؤلاء الّذين نزلت فيهم الآيات الثلاث بعد أن يدخلوا الجنّة ويتبوّءوا دار الكرامة :
٢٤ ـ (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) ... أي يسلّمون عليهم ويحيّونهم ، والآية الكريمة تهنئة من الرّب تعالى لأوليائه حين يستقرون في غرف الجنان بإذنه تعالى ، فيبعث للمؤمن ألف ملك يهنّئونه بالجنّة ويزوّجونه بالحور العين وهو في غرفة لها ألف باب وعلى كل باب منها ملك موكّل به ، فإذا أذن لرسل ربّه بالدخول عليه فتح كلّ ملك بابه الّذي قد وكّل به ، فيدخل كل ملك من المبعوثين من باب من أبواب الغرفة فيبلّغون رسالة الجبّار ، وذلك قول الله سبحانه : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) يقولون