أمثالهم من المكذّبين للرّسل كالخسف والمسخ والرجفة ، فلم لا يعتبرون ولا يخافون أن يعذّبهم الله في الدّنيا بعذاب الاستئصال قبل يوم القيامة وهم غافلون عن ذلك جاهلون لما يمكن أن يصيبهم. والمثلات : جمع مثلة ، كالمثل الذي يعني ما أصاب القرون الماضية من العذاب ، وهي عبر يعتبر بها وقد جاءت بمعنى مطلق لتنوّه بالتنكيل والعقوبة (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) أي هو لطيف بهم متجاوز عنهم بالرغم من الحالة التي هم عليها من ظلم أنفسهم باقتراف الذنوب واكتساب الآثام. وهذه الآية الكريمة أرجي آية في كتاب الله عزوجل لأن المغفرة فيها لم تكن معلّقة على المشيئة ولا مقيّدة بها بل وقعت مطلقة ومرسلة ، ولذا قال المرتضى (قدسسره) : في هذه الآية دلالة على جواز المغفرة للمؤمنين من أهل القبلة ، لأنه سبحانه دلّنا على أنه تعالى يغفر لهم مع كونهم ظالمين ، فإن قوله : على ظلمهم ، إشارة إلى الحالة التي يكونون عليها ظالمين كقولك : أنا أودّ فلانا على عيبه ونقصه .. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ) فيها أن الآية الكريمة تمهّد لقاعدة الخوف والرجاء في آن واحد. ولمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ عيش أحد ، ولولا وعيده تعالى لما عمل أحد اتّكاء على عفوه ومغفرته. فلا بد من الرجاء والخوف. وأما مذهب المعتزلة فهو أن الكبائر لا تغفر ، وقد قال أبو عبد الله عليهالسلام : قد نزل القرآن بخلاف قولهم ، قال جلّ جلاله : وإن ربّك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ، وقلنا ما فيها قيد فنأخذ بإطلاقه كما أشار ردّا على المعتزلة.
٧ ـ (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ) ... : هذه الآية الشريفة ، من باب الطفرة عن الجواب ، حيث إنّهم لم يعتنوا بالآيات المنزلة واقترحوا على النبيّ صلىاللهعليهوآله كعصا موسى وإحياء الموتى ونحوهما من المعاجز التي صدرت عن الأنبياء قبله صلوات الله عليهم. فالله تعالى لم يعتن بما سألوه من نزول آية معجزة عليه ، بل قال (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فعصرك عصر فهم وفصاحة وخطابة وبلاغة ، ويكفيك القرآن