(وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ) أي جذبته بقميصه فشقّته طولا ـ لأن القدّ يكون شقّا بالطول ، والقطّ يكون قصّا بالعرض ، وإن كان القدّ يستعمل للشقّ مطلقا ـ فقد أمسكته بقميصه وشقّته من دبر أي من خلف وهو هارب أمامها (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ) أي وجدا زوجها يبدو فجأة عند الباب إذ صادف دخوله غير المنتظر إلى الحجرة. والتعبير عن زوجها بلفظ سيّدها إشارة إلى أنه مالك لأمرها. ولدي هذه المفاجأة بادرت إلى قلب حقيقة ما جرى بينهما و (قالَتْ : ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً؟) أي كيف يكون عقاب من اعتدى على زوجتك ـ وأهل الرجل زوجه وعياله ـ ثم عيّنت الجراء وقرّرته بشأن من يريد ذلك بقولها : (إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي أن يحبس جزاء فعله الشّنيع أو أن ينال الإيذاء والتعذيب الشديد أي الضرب الموجع بالسّياط مثلا ، محاولة بذلك تبرئة ساحتها ومقترحة نوع القصاص قبل المحاكمة وكأن أمر براءتها مفروغ منه.
٢٦ ـ (قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) ... أي : قال يوسف (ع) : هي حاولت هذا الأمر وطلبت مني السوء ورغبت فيّ فامتنعت. وإنما قال ذلك تنزيها لنفسه وتنويها بصدقه ودفعا لتهمتها لا على سبيل رميها بالبهتان ، ولذا صار الأمر مبهما على الملك حيث ادّعى كلّ منهما على الآخر. (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها) أي أدّى أحد أقربائها شهادة معقولة بقوله : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ) أي إذا كان ثوبه قد انشقّ من قبل أي من أمام وقدّام فان الدلالة تقوم على أنه قصدها فدفعته عن نفسها. أما الشاهد من أهلها فكان رجلا مع الملك حين دخوله ، قيل هو ابن عمها ، وقيل إنه ابن خالها وكان زائرا لها في ذلك اليوم ، وقيل إنه صبيّ في المهد كان ابن ثلاثة أشهر. فعن الإمام الصادق عليهالسلام : ألهم الله عزوجل يوسف أن قال للملك : سل هذا الصبيّ في المهد.
فإذا كان الشاهد رجلا فقد وفّقه الله فأفتى بحكمته وعقله بما حكاه الله سبحانه عنه ونعم ما أفتى به حين نظر إلى القميص وقدّر الموقف ، وإذا كان ذلك الشاهد صبيّا ابن ثلاثة أشهر فإن في ذلك معجزة أظهرها الله على يد