قَلِيلٌ) وهم النبيّ وأوصياؤه ومن تعلّم منهم. قال ابن عباس : انا من ذلك القليل (فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً) أي لا تجادل في أمر الفتية وشأنهم إلّا أن تتلو عليهم ما أوحي إليك بلا تعنيف ودون أن تتعمّق فيه (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) اي لا تسأل في شأن الفتية من أهل الكتاب أحدا وحسبك ما قصصنا عليك فيهم.
٢٣ و ٢٤ ـ (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً) ... أي لا تصدر إلّا عن مشيئة الله تعالى ، وإلّا متلبّسا بها ، قائلا : إن شاء الله. قال الأخفش فيه إضمار القول ، وتقديره : إلّا أن تقول إن شاء الله. والنّهي في الآية للتّنزيه لا نهي تحريم ومولويّ بل إرشاد إلى أمر مطلوب. وهو خروج قولك بهذا الاستثناء عن الكذب إذا قلت كلاما جزما وعن قطع ، فلا يلزم كذب وحنث إذا حلفت ولم تفعل لمانع (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) أي إذا نسيت الاستثناء والتّقييد فاستثن متى ذكرت أنّك لم تستثن ولم تقيّد كلامك ، فقل : إن شاء الله. وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : الاستثناء في اليمين متى ما ذكرت وإن كان بعد أربعين صباحا ، ثم تلا هذه الآية وفي بعض الرّوايات : وإن كان الذكر بعد سنة ، وقيل : أذكره إذا اعتراك نسيان شيء لتذكر المنسيّ (وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي) أي أرجو من ربّي أن يلهمني ويعطيني ما هو أقرب وأوضح دلالة على نبوّتي من قصة أصحاب الكهف وإخباري بها ، وقد فعل وإنه تعالى قد أخبره بحوادث نازلة في الأعصار المستقبلة إلى يوم القيامة وبأمور أخر ، منها الإخبار عن مدّة لبثهم في الغار ومقدارها الواقع حقّا بقوله تعالى :
٢٥ ـ (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) ... أي ثلاثمائة سنة و (تِسْعاً) نياما. وقوله : سنين : بدل إذا قرئت ثلاثمائة بلا إضافة ، وإلّا كان من باب وضع الجمع موضع الواحد وفصّل (وَازْدَادُوا تِسْعاً) لنكتة هي أن اللّبث من حين الدخول إلى يوم البعث كانت بالسنيّ الشمسيّة ثلاثمائة تماما وبالسنيّ القمريّة تزاد تقريبا تسع سنوات. وإنما قلنا تقريبا لأنّ التفاوت بين