هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨٦) وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧) لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩))
٨٥ ـ (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ) ... أي ما خلقنا خلقا عبثا بل لما اقتضته الحكمة ، خلقناهم للمعرفة والعبوديّة ، وللطاعة والاتّقاء ، وكذلك خلق السّموات والأرض للاعتبار ولا للعبور والحاصل أن خلقهما وخلق ما بينهما لا يكون (إِلَّا بِالْحَقِ) للأغراض والحكم الصّحيحة فلا يلائم استمرار الفساد ودوام الشرّ ، فلذا اقتضت الحكمة إهلاك المفسدين وإزاحة فسادهم من الأرض. وهذا معنى كون خلقهما بالحق (وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ) أي ساعة الجزاء في دار الانتقام جاثية فيجازى كلّ بعمله فالمحسن يجزى والمسيء ينتقم منه (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) أي فأعرض يا محمد عن مجازاة المشركين وعن مجاوبتهم واعف عنهم عفوا جميلا. وقيل إنها منسوخة بآية القتال ، وقيل لا نسخ فيها بل هو فيما بين النبيّ صلىاللهعليهوآله في حقوقه الشخصية وبينهم ، أي في أمورهم الشخصيّة والقوميّة لا فيما أمر به من جهة جهادهم الّتي هي راجعة إلى مصالح نوعيّة عامة ، فأمره بالصّفح في موضعه كقوله : وأعرض عنهم في حقوقه وعظهم. والصفح ممدوح في سائر الحالات وهو كالحلم والتواضع ، ولا منافاة بين الصفح الجميل مع لزوم الشدة في أمر الجهاد. وعن الرضا عليهالسلام : الصفح الجميل يعني العفو من غير عتاب ، وقيل هو العفو من غير تعنيف وتوبيخ.
٨٦ ـ (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ) ... أي كثير الخلق ، وخلقهم وبيده أمرك وأمرهم وهو (الْعَلِيمُ) بحالك وحالهم وما فيه صلاحهم ، فهو أحق بان توكّل إليه أمرك وأمرهم حتى يحكم بينك وبينهم بالحق.