(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨) وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ (١٩) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٢١))
١٨ ـ (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) ... اي لا تقدروا على ضبطها وإحصائها ولذا لا تطيقون القيام بشكرها (إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ) يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكرها (رَحِيمٌ) إذا قصّرتم في أداء شكر النعم وكفرتم بها لا يأخذها منكم ولا ينقصها عنكم ولا يعاجل بعقوبة كفرانها ، بل يرحمكم بمزيد النعمة وتوفيرها. ولمّا بيّن وجوب عبادته على العباد بذكر النعم ، ومنها كونه غفورا رحيما بالتفسير الذي مرّ آنفا ، وأظهر قدرته ، أخذ في بيان إحاطته العلميّة بجميع أعمال العباد في كل أحوالهم وشؤونهم ، ثم ذكر بعد ذلك بطلان العبادة بالإشراك :
١٩ ـ (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) ... أي ما تخفون من العقائد الحقّة والباطلة ، أو المراد أعمّ منها (وَما تُعْلِنُونَ) من الأعمال الحسنة والسّيئة ، أو الأعمّ منها ومن العقائد ، وكلّهم مجزيّون بأعمالهم وعقائدهم إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ.
٢٠ ـ (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ... أي الآلهة التي تعبدونها من الأصنام التي لا تقدر على خلق شيء بل هي مصنوعة منحوتة من الحجر والخشب ونحوهما من الجمادات ، وهذا من باب التنبيه والاعلام ، حيث إنهم كانوا يشعرون ويلتفتون بأنها جماد مخلوق لهم ، لكن من باب غاية العناد والجحود يعبدونها وكان بعضهم قائلين بأنها آلهتنا وبعضهم بأنها شفعاؤنا. فهي لا تخلق شيئا بل هي مخلوقة ضعيفة مفتقرة لغيرها.