٤٣ ـ (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا) ... أي هل لهم أرباب غيرنا تقدر أن تمنع العذاب عنهم وتحول بيننا وبينهم؟ وهو استفهام للإنكار ، يعني أنهم ليس لهم إله غيرنا يقدر على رفع العذاب عنهم. ثم لو كان لهم أرباب مصطنعة من الأحجار وغيرها فان أربابهم المزيّفة (لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ) لا يقدرون أن يدفعوا عن ذواتهم. والذي لا يقدر أن يدفع الشرّ عن نفسه ، كيف يقدر أن يدفعه عن غيره؟ فلا هم يستطيعون ذلك (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) أي ليسوا مصحوبين بنصرتنا ولا هي معدّة ومرافقة لهم. وروي عن ذي النون المصري أنه قال : خرجت في ليلة من الليالي المقمرة أمشي على ساحل بحر النيل متنزّها ومتفرجا ، فرأيت عقربا يمشي بكمال السرعة بحيث عجزت أنا عن إدراكه. فقلت في نفسي : لا بد أن يكون هذا المشي بهذه الكيفية عن سرّ فيه وحكمة. فمشيت على أثره حتى وصل إلى الماء ، فخرجت وزغة من الماء فركبها وعبرت به الماء إلى طرفه الآخر. فقلت : سبحان الله الذي سخّر الوزغة وجعلها سفينة للعقرب يعبر بواسطتها ماء النهر. وبحثت عن معبر لي إلى الضفة الأخرى لألاحظ عاقبة الأمر ، فوجدته وقطعت النهر فرأيت العقرب قد نزل إلى البر وأسرع في المشي فلحقت به فإذا أنا بشابّ سكران مستلق على قفاه وعلى صدره حية سوداء تريد أن تدخل فاه ، فجاء العقرب إليها ولسعها في رأسها فماتت للحال ، ثم رجع العقرب من حيث أتى ، فوقفت متعجبا من هذه القصة وكنت ألى جانب الشاب فقرأت هذين البيتين :
يا نائما والخليل يحرسه |
|
من كلّ سوء يدبّ في الظّلم |
كيف تنام العيون عن ملك |
|
يأتيك منه فوائد النّسم |
ففتح الشابّ عينيه وأفاق من سكره ونومه ، فقلت له ما وقع ، فبكى بكاء شديدا وتاب عن عمله الباطل .. فالحافظ في الليل والنهار ، والحارس والناصر والمعين في كل الأحوال والأزمان هو الله تعالى ربّنا وربّ كل شيء.