له الحديد فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم ، فعمل ثلاثمئة وستين درعا فباعها بثلاثمئة وستين ألفا واستغنى عن بيت المال. وهكذا يؤدّب الله تعالى أولياءه وأهل طاعته في كل زمان عناية منهم بهم واستخلاصا لهم.
ثم إنه تعالى لمّا فرغ من قصة داود وذكر نعمه عليه ، أخذ في بيان نعمه على ابنه سليمان عليهالسلام فقال :
٨١ ـ (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ) ... عطف على ما تقدم من قصة داود عليهالسلام. أي : وسخّرنا لسليمان الريح : الهواء المتحرّك بقوّة (عاصِفَةً) شديدة الهبوب تقطع مسافة طويلة في مدة قليلة ، كان تجري : تسير بأمره حسب رأيه ومبتغاه (إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) أي بيت المقدس أو بلاد الشام ، أو كليهما. وقد قال سبحانه في مكان آخر : غدوّها شهر ، ورواحها شهر (وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ) أي أن ذلك كان يتمّ بعلمنا لأننا نعلم كل شيء ولا تفوتنا معرفة شيء ولا تخفى علينا صغيرة ولا كبيرة.
٨٢ ـ (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) ... أي : وسخّرنا له جماعة من الشياطين يغوصون في البحار ويستخرجون له نفائسها وجواهرها (وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ) من بناء المدن والقصور واختراع الصنائع العجيبة التي يجهلها الناس لقوله تعالى (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ) ، (وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ) أي محافظين عليهم من أن يزيغوا عن أمره أو يمتنعوا عن أمرنا ، أو أن يفسدوا ما عملوا لرسوله كما هو مقتضى جبلة الشياطين.
* * *
(وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣) فَاسْتَجَبْنا لَهُ