الدّنيا فانية لا محالة ونعم الآخرة باقية على زعم قائليها فهي خير منها.
٣٧ ـ (قالَ لَهُ صاحِبُهُ) ... (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ) ... أي بما هو أصل مادّتك لأن النطفة خلقها الله تعالى بمجرى العادة ، وقال : (مِنْ تُرابٍ) لأن النّطفة من الغذاء الذي ينبت من تراب الأرض ويمتصّ لطائفها ، فجاز أن يقال : خلقك من تراب (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) أي ما هو المادة القريبة (ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) جعلك مستقيما عدلا إنسانا ذكرا بالغا مبلغ الرجال.
٣٨ ـ (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) ... أصله (لكن أنا) فحذف الهمز وأدغمت النّون في النون ، والكلام من تقدير القول ، يعني : أنا أقول هو الله الذي ربّاني بعد ما أوجدني وأوجد جميع العوالم الإمكانية (وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) لا أعبد غيره معه.
٣٩ و ٤٠ ـ (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ) ... أي هلّا ، استفهام إنكاريّ معناه لم ما قلت حين دخلت جنّتك كلمة المشيئة ، أي ما شاء الله. وهذا تعليم للنّوع من باب إيّاك أعني واسمعي يا جارة. وروي عن أنس بن مالك انه قال ، قال رسول الله : كل من يرى شيئا وتعجبّ من حسنه فيقول ما شاء الله لا قوة الا بالله لا يصله عين سوء ولا تؤثر فيه. (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً) أي وإن كنت تراني فقيرا لا مال عندي ولا أولاد (فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ) أي فأرجو وآمل أن يرزقني ربّي ما هو أحسن من جنّتك في الآخرة ، كما أنني أخشى أن تخرب جنّتك وتبيد (وَيُرْسِلَ) الله (عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ) أي يبعث عليها لكفرك عذابا أو شرّا أو بلاء من السّماء كالصّاعقة ونحوها (فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) أي أرضا ملساء لا تثبت عليها قدم. وقيل أرضا محترقة.
٤١ ـ (أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً) ... غائرا : أي ذاهبا في الأرض (فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً) أي لن تجد حيلة تردّه بها.
٤٢ ـ (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) ... أي أهلكت أمواله ومخبّاته. وثمره كناية عن