معلوماته بمجهولاته. ولا تخفى دناءة هذه الحالة ولا وضاعتها ، وإذا كان العمر متعقبا بهذه الظاهرة فالموت فيما دون تلك المرحلة نعمة ، وكيف إذا زاد عن ذلك فصار نقمة بلا شبهة وبلا أدنى ريب؟ (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) بما ينبغي وما يليق بكم من مقادير الأعمار (قَدِيرٌ) على أن يعمّركم إلى أرذل العمر أو إلى أدناه.
٧١ ـ (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) ... أي أنه هو الذي زاد الملّاك والسادة والأغنياء رزقا وملكا لحكمة تخفى عليكم (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا) أي فليس هؤلاء المزادين رزقا (بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) بمرجعيه إلى عبيدهم ، ولا هم جاعلون رزقهم لمواليهم (فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ) أي السادة والموالي ، أو الأغنياء والفقراء ينبغي أن يعيشوا فيه سواء دون منّة من السيّد على عبده فليس واحد منهما أفضل من الثاني ، فقد قيل إن ابن عباس كان يطعم عبيده ممّا يطعم ويلبسهم ممّا يلبس ، وفي الجوامع أن أبا ذرّ رضوان الله عليه سمع النبيّ صلىاللهعليهوآله يقول : إنّما هم إخوانكم ، فاكسوهم ممّا تكسون ، وأطعموهم ممّا تطعمون ، فما رؤي عبده بعد ذلك إلّا ورداؤه رداؤه ، وإزاره إزاره من غير تفاوت.
والحاصل أنه لا يجوز أن يعتبر السادة أنهم يرزقون المماليك من عندهم بل الجميع مرزوقون من عنده تعالى أغنياء وفقراء وسادة وخدما. ولمّا ثبت أن المنعم الحقيقيّ والرازق للجميع هو الله تبارك وتعالى ، فكلّ سيد وعبد وخادم ومخدوم وغنيّ وفقير ، هم مرزوقون منه جلّ جلاله لأنه قد أجرى أرزاق هؤلاء على أيدي هؤلاء وجعلهم درجات ليخدموهم ويقوموا بشؤونهم ، فكيف تجوز عبادة غير هذا المنعم المفضل ، وكيف تجحد نعمه وهو الذي يقول : (أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ؟) أي يكفرون.
٧٢ ـ (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) ... أي : خلق لكم من جنس أنفسكم ـ مثلكم ـ نساء تأنسون بهنّ ، ويمكن أن تكون الآية الكريمة