في كتب التفاسير والتواريخ من أرادها فليراجعها (عَجَباً) أي ما كان عجبا ، فإن خلق السّماوات والأرض وما فيهن من العجائب والأسرار أعجب.
١٠ ـ (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) ... أي التجأوا إلى الغار لما ذكر آنفا وكانوا من خواصّ دقيانوس ولكنّهم مخالفون له في دينه إذ كانوا مؤمنين بالله تعالى يسترون إيمانهم ولما استقروا في الكهف (فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) أي الأمن من الملك وأعوانه والفرج ممّا نزل بنا من التحيّر في أمرنا (وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) أعطنا أمنا من السّلطان وسبّب لنا طريقا نهتدي به في أمر ديننا.
١١ ـ (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ) ... أي ألقينا على آذانهم ستارا من النّعاس والنوم المانع عن نفوذ الأصوات إليها يمنع السماع ، لأن النّائم إنما ينتبه بسماع الصوت. وقد بيّن سبحانه بهذه العبارة أنهم لم يموتوا وكانوا نياما في أمن وراحة من جميع الجهات فاستجاب الله دعاءهم في كلا الأمرين المذكورين. وهذا من فصيح لغات القرآن التي لا يمكن أن يترجم بمعنى يوافق ظاهر اللفظ (فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) اي ذوات عدد كثير. وتستفاد الكثرة من التّنوين ، ويحتمل الحمل على القلّة حيث إن مدة لبثهم في الغار بمنزلة بعض من اليوم عند ربّهم كقوله تعالى : (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ). بيان ذلك أنه تلاحظ في السنين جهتان : الأولى : من حيث عددها وأنها بهذه الحيثيّة كثيرة لأنه قيل كان مدة لبثهم في الكهف إلى زمان استيقاظهم ثلاثمائة سنة ونيّفا. والثانية : من حيث الزمان ولحاظ نسبته بأزمنة الربوبيّة ، فبهذه الجهة قليلة ، كأن يوما واحدا منها أي من الأزمنة الربوبيّة كان مقداره خمسين ألف سنة ممّا تعدّون. فثلاثمائة سنة من الأزمنة المتعارفة عندنا إذا لاحظناها بالنسبة لأزمنة الربوبيّة تعدّ قليلا جدّا. هذا ، ويمكن أن تلاحظ مدة اللّبث بالنسبة إلى الكهفيّين أنفسهم ، فإنّ أمده عندهم كان (يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) فكان عدده عندهم أيضا قليلا جدّا من حيث الزمان.