١٠٦ ـ (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ) ... فالأكثر منهم لا يصدّق بالدعوة إليه سبحانه (وَهُمْ مُشْرِكُونَ) والشّرك هنا شرك طاعة وليس شرك عبادة ، لأنهم يرتكبون المعاصي إطاعة للشيطان ، وبذلك أشركوا بطاعة الشيطان مع طاعة الرحمان. فهم يعبدون الله ويطيعون من سواه .. نعوذ بالله من ذلك.
١٠٧ ـ (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ) ... يعني هل أمنوا جانب النقمة وأن تجيئهم غاشية : أي عقوبة تعمّ الجميع وتغطّي سوادهم ـ وهي من الغشاء ـ فلا تخلّي أحدا ، وتكون نوعا من عذاب الله كالخسف والرّمي بالحجارة من السماء وكالريح الصرصر وعذاب يوم الظّلة وغيرها. وعبارة : عذاب الله ، هي بيان للغاشية التي لا تكون إلّا عذابا عامّا كعذاب الاستئصال الشمولي الذي ربما كان أنسب من القوارع والصواعق والزلازل المكانية .. فالحاصل أنه هل اطمأنّ هؤلاء الكفرة أن يأتيهم عذاب من الله يعمّهم ويحيط ويحيق بهم (أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) أم أمنوا أن تقوم القيامة فجأة ومن غير ترقّب وانتظار (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) لا يحسّون بحلولها وحدوثها؟ أي وهم غافلون عن قيام الساعة والوقوف للحساب بين يدي ربّ الأرباب. فعن ابن عباس : تهجم الصيحة بهم وهم في الأسواق والّلّقمة في فيهم والميزان بيدهم. أي غير مستعدّين لها.
١٠٨ ـ (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي ، أَدْعُوا إِلَى اللهِ) ... قل يا محمد لهؤلاء الكفرة ولغيرهم : هذه طريقي الواضحة ، وأنا أدعو الناس إلى الإيمان بالله عزّ وعلا. وقوله تعالى : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ) أي بمعرفة تامة ، بيان لقوله : هذه سبيلي. وفي الآية الكريمة أن الدعوة للخلق إلى دين الله لا بد وأن تكون عن عقيدة جازمة وبصيرة تامة من الداعي. وهي حرفة الأنبياء وأوصيائهم صلوات الله عليهم .. وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : العلماء أمناء الرّسل على عباد الله من حيث يحفظون لما يدعونهم إليه. وقال (ص) أيضا : من أراد أن ينظر إلى أهل الجنّة فلينظر إلى العلماء.