١٩ ـ (أَفَمَنْ يَعْلَمُ ... كَمَنْ هُوَ أَعْمى) ... أي ليس من يعرف أنّ ما أنزل إليك من القرآن حقّ ، كالذي هو أعمى القلب والبصيرة. وهذه الآية الكريمة تحثّ على طلب العلم للوصول إلى المعرفة الحقّة ، لأنه إذا كان حال الجاهل كحال الأعمى ، وحال العالم كحال البصير ، وأمكن لهذا الأعمى أن يصير بصيرا فما الذي يقعده عن طلب العلم الذي يخرجه من حال العمى إلى حال الإبصار؟. فلزم أن يجتهد تمام الاجتهاد حتى يصير بصيرا وينجّي نفسه من عمى الجهل والضلال.
٢٠ ـ (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ) ... أي بما عقدوه على أنفسهم لله سبحانه (وَلا يَنْقُضُونَ) أي لا ينكثون ويبطلون (الْمِيثاقَ) وهو ما أوثقوا نفوسهم به فيما بينهم وبينه تعالى أو بينهم وبين العباد ، وهو تعميم بعد التخصيص لأن الميثاق أعم. والعهد هو العقد بين العبد والخالق ، أو بين المخلوق والمخلوق ، ينبغي القيام بشروطه غير متقوصة. فالذين يوفون بعهودهم ومواثيقهم.
٢١ ـ (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) ... هم أيضا ـ عطفا على من سبق من المؤمنين الموفين بعهودهم ، يقومون بأوامر الله تعالى ونواهيه. وعن الصادق عليهالسلام : نزلت في رحم آل محمد ، وقد تكون في قرابتك. وعنه عليهالسلام : الرّحم معلّقة بالعرش تقول : اللهم صل من وصلني ، واقطع من قطعني ، وهو رحم محمد صلىاللهعليهوآله ، وهو قول الله : والّذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ، ورحم كلّ ذي رحم (وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) عن الصادق عليهالسلام أيضا : لو لم يكن للحساب مهولة ـ أي مخافة وهولا ـ إلّا حياء العرض على الله وهتك الستر على المخفيّات لحقّ للمرء أن لا يهبط من رؤوس الجبال ، ولا يأوي إلى عمران ، ولا يأكل ولا يشرب ولا ينام إلّا عن اضطرار متّصل بالتلف.
أجل ، فهؤلاء ومن سبقهم ، ومن يليهم ، هم :
٢٢ ـ (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) ... أي صبروا على القيام