فقد كان مرضيّا عند الله غاية الرضا فاستحقّ منه هذا السلام الملازم له في حياته وحين موته ويوم بعثه.
* * *
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (١٧) قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (١٩) قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠) قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا (٢١))
١٦ و ١٧ ـ (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ) ... بعد قصة زكريّا ويحيى عليهماالسلام المعجزة ، شرع سبحانه في بيان قصة عيسى ومريم عليهماالسلام التي هي أكبر إعجازا في عالم الخلق والقدرة ، والتي كانت ـ هي وسابقتها ـ من معاجز نبيّنا صلوات الله وسلامه عليه وعلى أهل بيته الطيّبين ، وذلك حين أخبر الأمة بالقصّتين العجيبتين وببراءة مريم عليهاالسلام حين قال له سبحانه (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ) القرآن (مَرْيَمَ) أي قصّتها (إِذِ انْتَبَذَتْ) حيث اعتزلت (مِنْ أَهْلِها) فابتعدت عن ذويها واتّخذت (مَكاناً شَرْقِيًّا) إذ أقامت في مسجد القدس ولم تزل تشتغل بالتبتّل والعبادة ، ولم تخرج إلا إلى بيت خالتها في حال الاضطرار ، ثم ترجع بعد زوال عذرها إلى مصلّاها. وقيل إنها احتاجت في يوم من الأيام إلى أن تغتسل فطلبت مكانا بعيدا عن