أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٥٩) لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٠))
٥١ ـ (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) : هذا تأكيد يؤذن بمنافاة الاثنينيّة للإلهية (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) أيضا أكّد تنبيها على لزوم الوحدة الإلهيّة ، فإنك لو قلت إنما هو إله لخيّل أنك اثبتّ الإلهيّة دون الواحديّة. روي عن بعض الحكماء أنه قال : نهاك ربّك أن تتّخذ إلهين فأنت اتخذت إلهة عبدت نفسك وهواك ودنياك وطبعك ومرادك والخلق فأنّى تكون موحّدا؟ (فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) فخافوني دون غيري.
٥٢ ـ (وَلَهُ الدِّينُ واصِباً) : الدّين اسم لجميع ما يعبد به الله تعالى ، وجاء بمعنى الطاعة والسيرة والمذهب وغيرها مما ذكر في محلّه من المعاني. والمناسب في المقام هي المعاني المذكورة جمعا أو أفرادا وهو أعلم بما أراد. ومعنى الكريمة انحصر الدّين لله ، كما أن الألوهيّة الملازمة للوحدانيّة منحصرة به تعالى حال كونه واجبا كما عن الصادق عليهالسلام : إذ فسّر (الواصب) وقال : واجبا. وقيل : بمعنى الواصب الدائم ، وقيل واصبا : أي خالصا (أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ) أي أتخشون غيره تعالى مع أن غيره لا يضرّ ولا ينفع والخشية منحصرة به لأن أزمّة الأمور بيد قدرته وهو على كل شيء قدير كما أشار إليه بقوله عزوجل.
٥٣ ـ (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) ... النّعم كالصّحة والعافية والسّعة ودفع المضارّ ورفع الآلام كلّها منه تعالى وهو وليّ نعمكم (ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ) أي متى لحقكم ضرّ وبلاء وسوء حال تتضرّعون إليه سبحانه بالدّعاء وترفعون أصواتكم للاستغاثة والاستعانة به تعالى ، من (جأر) الثور إذا رفع صوته من جوع وغيره.
٥٤ ـ (ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ) ... أي بعد أن يكشف السوء الذي