(فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٠) ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلاَّ بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (٨١) وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٨٢))
٨٠ ـ (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا) ... أي حينما يئسوا وأيأس بعضهم بعضا من إجابة يوسف لطلبهم وأخذ البديل عن بنيامين ، خلصوا نجيّا : يعني تسلّلوا وانفردوا جانبا يتناجون فيما بينهم ، يعني يتهامسون ويتشاورون. وهذا من تعابير القرآن الكريم التي تبلغ الغاية القصوى من الفصاحة ، لأنه ، مع غاية إيجازه ، يفيد معاني كثيرة لا تخفى على المتأمّل. فقد سمعوا قول يوسف ، وصمتوا ، وغادروا المكان ، واعتزلوا الناس ، وتناجوا فيما بينهم في مؤتمر فأوجز ذلك كله بكلمتين اثنتين ، ثم (قالَ كَبِيرُهُمْ) وهو كما عن الإمام الصادق عليهالسلام : يهودا. وقيل : إن القائل هو : لاوى ، وقيل روبين ، قال : (أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) هل نسيتم عهد الله الذي قطعتموه لأبيكم؟ (وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ) ثم ألم تذكروا أنكم. قد تهاونتم قبل ذلك بأمر يوسف وأضعتموه هدرا؟ أفلا تذكرون ما كان منكم بشأنه؟ (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ) أي لن أفارق وأغادر هذه الأرض التي نحن فيها ـ أرض مصر ـ (حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) إلّا بعد أن يسمح لي أبي ويحلّني من ذلك