أحدها أن الإنسان ربما يدعو في حال الزجر والغضب على نفسه وأهله وماله بما لا يحب أن يستجاب له فيه ، كما يدعو لنفسه بالخير. فلو أجاب الله دعاءه لأهلكه ، لكنه لا يستجيب بفضله ورحمته. وثانيها أن الإنسان قد يطلب ما فيه الشر لاستعجاله المنفعة القليلة ، كدعائه بالخير من حيث التضرّع والجد ، وربما تعقّبه الشر الكثير وهو لا يعلم به. والثالث أنه يطلب النفع العاجل وإن قلّ ، بالضرر الآجل وإن جل (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) أي أن جنسه جنس مستعجلا ، بالدعاء بالشّر دون أن ينظر في عاقبته.
* * *
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (١٢) وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (١٣) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (١٤) مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (١٥))
١٢ ـ (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ) ... أي علامتين دالّتين على قدرتنا وعلمنا (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ) أي الآية التي هي الليل ، طمسنا نورها بالظّلام (وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ) أي الآية التي هي النهار (مُبْصِرَةً) مضيئة مفنية للظلام (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) بيّناه تبيينا. في الغلل عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : أمر الله جبرائيل أن يمحو ضوء القمر فمحاه فاثّر المحو