وطريقة توصله إلى ما يريد وتبلغه ما يقصده.
٨٥ و ٨٦ ـ (فَأَتْبَعَ سَبَباً) : أي فاتّخذ طريقا وسلكه نحو الغرب (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ) أي وصل إلى المحل الذي يتراءى له فيه غروبها من سطح الأرض. ومعناه أنه انتهى إلى آخر أمكنة العمران من جهة المغرب (وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) أي وجد الشمس تغيب عن ناظريه في عين كثيرة الحمأ أي الطّين الأسود المنتن ، وقرئ : (في عين حامية) أي حارّة. فقد وجد الشمس تغرب هناك وإن كانت بالحقيقة لا تغرب في مرمى بصر ولكن ظلّها في الماء خيّل له ذلك لأن الشمس في واقع الأمر لا تزايل الفلك ولا تدخل في عين ماء يعيش قربها قوم ويقيمون آمنين من الاحتراق بحرارتها ، بل هي لا تبارح مجاريها في النظام الكونيّ ، وإنما ذكر القرآن الكريم ما يتراءى للعالمين من شروق الشمس وغروبها بهذا الوصف الدقيق المعجز الرائع .. والحاصل أن ذا القرنين لمّا بلغ ذلك الموضع رأى كأنّ الشمس تغيب في تلك العين ، التي هي في الواقع ساحل المحيط الأطلسي ، حيث وصل إلى هناك (وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً) أي في تلك البقعة من الأرض وجد أناسا كفرة فجرة (قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ) موحين له وملهمين : (إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ) هؤلاء القوم بقتلهم والفتك بهم لكفرهم (وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) أو أن تسلك فيهم طريقة الإحسان إليهم بهدايتهم إلى الإيمان والهدى.
٨٧ و ٨٨ ـ (قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ) ... أي قال ذو القرنين في نفسه : إنني سأدعوهم إلى الإيمان فإن أصرّوا على الكفر فقد ظلموا أنفسهم ، فنعذّب المصرّ بالقتل أو بالأسر في دار الدنيا (ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ) بعد الموت (فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً) أي منكرا تبلغ شدته بحيث لا يكون معهودا مثله. (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ) صدّق واعتقد بالله تعالى وبالدّين (وَعَمِلَ) عملا (صالِحاً) حسنا مرضيّا (فَلَهُ) منّا ومن ربّه عزوجل (جَزاءً