سَلاماً) تسليما وتحيات من الملائكة عليهم ، ومن بعضهم على بعض ، وهم في نعيم دائم ، (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها) يكون موفورا حاضرا بلا تعب ولا جهد ولا سعي ، يأتيهم (بُكْرَةً وَعَشِيًّا) أي في أوقات الحاجة إليه ، وقد عبّر ب (بُكْرَةً وَعَشِيًّا) ليبيّن لهم أنه يأتيهم في المواعيد المرغوب فيها ، وقد سمّى سبحانه البكرة والعشيّ قياسا على حياتهم الدنيا لتكون مواعيد الرزق في الآخرة مقاسة على مقاييس وقتية يعرفونها لأن البكرة والعشيّة لا تكونان في الآخرة. وقيل إن المراد هنا هو رزقهم في جنّات الدّنيا ـ أو البرزخ ـ قبل يوم القيامة ، حيث تنتقل أرواح المؤمنين وحيث تطلع الشمس والقمر ، وهذا قول بعيد عن الصواب. وفي طبّ الأئمة عن الصادق عليهالسلام أنه شكا إليه رجل ما يلقى من الأوجاع والتخمة ، فقال عليهالسلام : تغدّ وتعشّ ولا تأكل بينهما شيئا فإن فيه فساد البدن. أما سمعت قوله تعالى : (لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا)؟.
. فهذا التعيين جاء لوقتين معروفين مألوفين عند الناس في حياتهم الدّنيا ، وهو يعني أن رزقهم موفور لهم في مواعيده المطلوبة من قبلهم. ٦٣ ـ (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا) : أي هذه الجنّة الّتي وعدنا به المؤمنين بنا والعاملين والتائبين المنيبين إلينا ، هي التي نورثها للأتقياء من عبادنا ، أي للذين تجنّبوا غضبنا وعملوا بأوامرنا. وقد قال بعض المعتزلة ، كالقاضي وأصحابه : ٧ ن في الآية دلالة على أن الجنّة تختصّ بالمتّقين ، والفاسق المرتكب للكبائر لا يوصف بالتقوى. وأجيب على هذا الحصر بأن المتّقي يدخل الجنّة مسلّما وليس في الكلام نفيّ عمّن عداه ، لأن المذنب أو صاحب الكبائر وإن كان يفعل الذنوب والسيئات التي توجب الفسق ، إلّا أنه محرز للتوحيد ومتّق للكفر بأقسامه فيصدق عليه موجبة جزئية أنه متّق ، ومن صدق عليه أنه متّق فهو من مصاديق قوله تعالى ، وهو ممّن قد يورثه الله تعالى الجنّة بفضله وكرمه لأنه جلّ وعلا يقول : إن الله لا يغفر أن يشرك به ... إلخ .. ولا يجوز القنوط من رحمته تعالى ، فإن