إظهار كذبهم على نبيّه عليهالسلام ، وشاء أن يفضحهم عنده .. فمكروا ، ومكر الله ، والله خير الماكرين ، لا يدع مثل هذا العمل الشنيع الذي أدّى للفتك بالرّحم وبأذيّة الأب والابن ، فكيف وهما نبيّان كريمان؟
وعن الإمام الصادق عليهالسلام : لمّا أتي بقميص يوسف إلى يعقوب (ع) قال : اللهم لقد كان ذئبا رفيقا حين لم يشقّ القميص! .. وفي بعض التفاسير ذكر أنه عليهالسلام قال : والله ما عهدت كاليوم ذئبا أحلم من هذا!! أكل ابني ولم يمزّق قميصه!!.
وعلى كل حال أدرك يعقوب (ع) أنهم قد فعلوا بيوسف ما فعلوا من إخفائه وصرّح بعدم تصديقهم كما ترى في الآية الكريمة التالية.
١٨ ـ (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) ... أي أنهم افتضحوا أمام أبيهم الذي عرف كذب روايتهم وأن الدم الذي على القميص ليس دم يوسف بل هو مزوّر مكذوب ، ف ـ (قالَ) لبنيه ساعتئذ وهم وقوف بين يديه : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) أي زيّنت وهوّنت عندكم أمرا عظيما فصنعتموه وهو ـ يقينا ـ غير ما قلتم (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) أي أن أمري ، أو صبري ، هو صبر لا شكوى فيه إلّا إلى ربّي ، أتلقّاه راضيا بحكمه وقضائه غير كاره لمشيئته (وَاللهُ) هو وحده (الْمُسْتَعانُ) الذي يعينني (عَلى) تحمّل (ما تَصِفُونَ) من التزوير وتضييع الأثر.
* * *
(وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٩) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠) وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ