(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨))
٩٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ... بعد أن بيّن سبحانه دقة إحصائه لمخلوقاته جميعا ، ودقة محاسبته لهم ، بشّر بهذه الآية الشريفة المؤمنين الذي سمعوا وأطاعوا وعملوا الأعمال الصالحة واتّبعوا أوامره وانتهوا عن نواهيه بأنه (سَيَجْعَلُ) يحدث لهم ربّهم (الرَّحْمنُ) بهم (وُدًّا) محبة في القلوب ، قلوب بعضهم البعض وذلك قوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ، إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) ، مضافا إلى مودّته لهم المترجمة بالرحمة والعطف واللطف من جانبه تعالى وتبارك. وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اللهم هب لعليّ عليهالسلام المودّة في صدور المؤمنين ، والهيبة والعظمة في صدور المنافقين ، فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ...) إلخ.
٩٧ ـ (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ) ... أي : إنّما سهّلنا عليك هذا القرآن بأن جعلناه بلغتك ولغة قومك لتسهل عليهم معرفة ما فيه فتتمّ الحجة عليهم ، فتفرح المؤمنين بتبشيرهم بما وعدهم الله تعالى من الأجر والثواب (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) ولتحذّر الأعداء الشديدي العداء لك ولدعوتك. واللّد جمع ألدّ ، وهو الشديد الجدل بالباطل والمعادي للدعوة ، يعني قريش ومن معهم من أصحاب الخصومة الشديدة والعناد. وعن روضة الواعظين عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : أنّ الذين آمنوا : هو عليّ عليهالسلام ، وأنّ : قوما لدّا : قوما ظلمة ، هم بنو أميّة.
٩٨ ـ (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) ... مرّ تفسير مثلها ، وهي تخويف لكفرة قريش وعتاة المشركين ، بالأقوام التي أفناها الله تعالى من قبلهم فذهبت فلا يرى لها أثر ولا عين ، كما أنها سؤال منه سبحانه موجّه لرسوله